الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

يشك أنه نذر ذبح خروف وتوزيع لحمه على الفقراء

343927

تاريخ النشر : 14-02-2021

المشاهدات : 3802

السؤال

قبل عدة سنوات وعندما كنت شابا كان لي بعض المال، فنويت به أن أذبح خروفا أوزعه على الفقراء حصرا، في حين أن أخي كان يريد أن يضحي، فقلت له اشتري لي خروفا معك، ولكن شاء الله أن احتاج المال فلم أستطع الوفاء بما نويت، وبقيت أحاول أن اجمع المال مع الإصرار على الوفاء ظنا مني أنه نذر ـ غير إني لم أكن أعرف معنى النذر يوم نويت ـ غير إني ما استطعت، وبقيت مذبذبا، هل كان نذرا؛ لكوني بقيت أحاول الوفاء به، ولكوني كنت أقول للناس إنه نذر عن غير تأكد، أم أضحية؛ لكوني أردت ذبحها مع أخي في عيد الأضحى، أو صدقة؛ لكوني عممت بذبح خروف شكرا لله على نعمة المال، بعض الناس قالو: هذا ليس بنذر، هذا عزم على الصدقة، أو عزم على الأضحية، ويجوز لك الاكل وإعطاء غير الفقير منه، علما إني قد نسيت ما كنت قد نويت به، وبعد سنوات يسر الله تعالى لي، وجمعت المال، واشتريت خروفا، وذبحته في عيد الأضحى كأضحية، وقلت عند ذبحه: اللهم إن كان نذرا فأوفه عني، وإن كنت قد نويت الأضحية فأوفها عني، غير إني قسمته مثل الأضحية، أي أكلت منه، وتصدقت للفقراء، وأعطيت غير الفقراء منه، ولكن بقي في قلبي شكا ، إن كان نذرا خوفا أ يوفى به أن كنت أكلت وأعطيت غير الفقراء منه. السؤال: بعد اكلي منه والتوزيع لغير الفقراء هل يجزئ عني؟ وهل فعلي صحيح؟ وهل بقى علي نذر أو شيء؟ وهل ينعقد النذر بمجرد محاولتي وإصراري على الوفاء به وقولي للناس إنه نذر، مع إني لم أكن أعرف معنى النذر عند النية؟ علما أني من كثرة الشك بعد ذلك قلت سأعتبره أضحية، وأجلب غيره لأفي بنذري أن شاء الله تعالى، فهل هذا الفعل صحيح؟

ملخص الجواب

النذر هو التزام لفظي بعمل ما. وينعقد بالقول، وليس له صيغة معينة، بل كل ما دل على الالتزام فهو نذر، سواء قال: لله علي عهد، أو لله علي نذر، أو ما أشبه ذلك مما يدل على الالتزام، مثل: لله عليّ أن أفعل كذا، وإن لم يقل: نذر، أو عهد. وعلى ذلك؛ فإذا كان التزامك مجرد نية ، دون قول ، كما هو مفهوم من سؤالك؛ فهذا لا يعد نذرا؛ ولا شيء عليك.

الجواب

الحمد لله.

الذي يظهر من سؤالك، أنه لا نذر عليك، ولا شيء عليك.

أولا:

النذر هو التزام لفظي بعمل ما.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" النذر لغة: الإيجاب. يقال: نذرت هذا على نفسي، أي: أوجبت.

أما في الشرع: فهو إيجاب خاص، وهو إلزام المكلف نفسه شيئا يملكه غير محال.

وينعقد بالقول، وليس له صيغة معينة، بل كل ما دل على الالتزام فهو نذر، سواء قال: لله علي عهد، أو لله علي نذر، أو ما أشبه ذلك مما يدل على الالتزام، مثل: لله عليّ أن أفعل كذا، وإن لم يقل: نذر، أو عهد " انتهى من"الشرح الممتع" (15 / 207).

وعلى ذلك؛ فإذا كان التزامك مجرد نية ، دون قول ، كما هو مفهوم من سؤالك؛ فهذا لا يعد نذرا؛ ولا شيء عليك.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :   إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ ، أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ  رواه البخاري (6664)، ومسلم (127) .

سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":

" رجل نوى بقلبه أن يصوم سبعة أيام متواليات، ولم يستطع الإكمال، فهل عليه شيء؟

الجواب: النذر لا ينعقد إلا بالتلفظ به ، قاصدا له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) متفق على صحته. فمن نوى النذر ولم يتلفظ به ، فإنه لا يلزمه شيء.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

بكر أبو زيد ، عبد العزيز آل الشيخ ، صالح الفوزان ، عبد الله بن غديان ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (23 / 302 - 303).

ثانيا:

الأصل براءة الذمة، وأن لا يكلف المسلم بالوفاء بنذر؛ إلا إذا تيقن، أو غلب على ظنه أنه قد نطق بالنذر؛ فإن كان مجرد شك، فلا شيء عليه.

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاَةِ؟

فَقَالَ:   لاَ يَنْفَتِلْ - أَوْ لاَ يَنْصَرِفْ - حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا   رواه البخاري (137)، ومسلم (361).

قال النووي رحمه الله تعالى:

" وقوله صلى الله عليه وسلم: ( حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا ) معناه يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين.

وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (4 / 49).

وقال القرافي رحمه الله تعالى:

" قاعدة: الأصل ألا يعتبر في الشرع إلا العلم، لقوله تعالى: ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) لعدم الخطأ فيه قطعا، لكن تعذّر العلم في أكثر الصور؛ فجوز الشرع اتباع الظنون، لندرة خطئها وغلبة إصابتها، وبقي الشك على مقتضى الأصل، فكل مشكوك فيه ليس بمعتبر، ويجب اعتبار الأصل السابق على الشك... " انتهى من"الذخيرة" (1 / 218 – 219).

ومجرد تكرار قولك : إن عليك نذرا، هذا لا يؤثر؛ لأن هذا مجرد إخبار عما تظنه في ذمته أو واجبا عليك ، وليس إنشاء للنذر، ولا موجبا لثبوته في ذمتك .

وعلى ذلك ؛ فالذبيحة التي ذبحتها كانت أضحية ماضية، إن شاء الله ؛ لأنه لم يتبين أنه كان عليك نذر يجب الوفاء به .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب