الحمد لله.
أولا:
يلزم الزوجة طاعة زوجها في عدم الخروج من البيت وفي ترك العمل، ما لم يكن عملها مشترطا في عقد النكاح- أو تزوجها وهي تعمل-، مع خلوه من المفاسد والمنكرات.
فإن لم يكن العمل مشترطا، أو كان مشترطا، لكن ترتب عليه مفسدة، كالتفريط في حق الزوج والأولاد، أو كان مشتملا على منكر كالعمل المختلط جاز للزوج منعها منه.
وينظر: جواب السؤال رقم : (158727) وفيه قرار لمجمع الفقه الإسلامي بخصوص ذلك.
ثانيا:
إذا لم تطعك زوجتك في ترك العمل، فلا حرج أن تخبر أهلها بما صدر منها، لتستعين بهم في إنكار المنكر الذي هو استمرارها في هذا المكان، وفي منعها من العمل المختلط بصورة عامة، مع بيان ما قد يجلبه عملها من العار لها ولأولادها.
فإن أبت ترك العمل مع ذلك، فالذي ننصح به هو طلاقها؛ حماية لعرضك وشرفك؛ فإن المرأة لن تصر على البقاء في العمل، مع معرفة أهلها بجرمها، إلا لتمكن العلاقة المحرمة من قلبها، أو لشدة عنادها وتمردها، ولا خير في البقاء مع من هذه صفتها.
ثالثا:
لا يجوز للزوج ترك زوجته في العمل المختلط؛ لأنه راع، ومسئول غدا عن رعيته، ويتأكد هذا مع عدم الحاجة للمال، ومع وجود ما ذكرت من العلاقة المحرمة.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ التحريم/6.
وعَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ رواه البخاري (7138)، ومسلم (1829).
وروى البخاري (7151)، ومسلم (142) عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ.
رابعا:
لا يجوز للمرأة طلب الطلاق لمنع زوجها لها من العمل، لا سيما إذا كان عملا محرما، وقد روى أحمد (22440)، وأبو داود (2226)، والترمذي (1187)، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة.
والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان كما ذكر الحافظ في "الفتح" (9/ 403)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"، وشعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
والبأس: الشدة والمشقة، كسوء عشرة الزوج، كضربها أو إهانته لها.
وأما دعوى الملل من الجلوس في البيت، فهذه لا تبرر طلب الطلاق، ثم هذا الملل لا يحصل لمن لها هدف نافع في حياتها، وإلا فإن الأوقات لا تتسع للأعمال الجليلة كطلب العلم، وحفظ القرآن، ورعاية الأولاد، ولعلك تجد لها مكانا صالحا كجمعية خيرية نسائية، أو دار لتحفيظ القرآن، فتنفع نفسها وتنفع المسلمين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ : الصِّحَّةُ ، وَالْفَرَاغُ رواه البخاري (6412). فلتسغل فراغها فيما يعود عليها بالنفع الدنيوي والأخري، لئلا تكون مفرطة في هذه النعمة.
والله أعلم.
تعليق