الحمد لله.
حكم رؤية الخاطب لمخطوبته
يسن للخاطب أن ينظر إلى من يريد خطبتها، بشروط ، منها: عزمه على الخطبة لو صلحت له، وأن يغلب على ظنه أنه يجاب؛ لما روى أبو داود (2082) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ .
قَالَ: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً، فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا، وَتَزَوُّجِهَا ، فَتَزَوَّجْتُهَا." والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وروى أحمد (18005) وابن ماجه (1864) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: "خَطَبْتُ امْرَأَةً فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا. فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
قال النووي رحمه الله: " إذا رغب في نكاحها: استُحِبَّ أن ينظر إليها، لئلا يندم. وفي وجه: لا يستحب هذا النظر ، بل هو مباح. والصحيح الأول ، للأحاديث.
ويجوز تكرير هذا النظر ليتبين هيئتها. وسواء النظر بإذنها، وبغير إذنها، فإن لم يتيسر النظر بعث امرأة تتأملها وتصفها له." انتهى من "روضة الطالبين" (7/ 19).
شروط جواز النظر إلى المخطوبة
وشروط جواز النظر إلى المخطوبة ستة:
- أن يكون بلا خلوة.
- أن يكون بلا شهوة.
- أن يغلب على ظنه أنهم يقبلونه.
- أن ينظر إلى ما يظهر غالبا، كالوجه والكفين والرأس والقدمين.
- أن يكون عازما على الخطبة.
- ألا تظهر المرأة متبرجة أو متطيبة.
وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم : (2572) ، (145678) ، (102369) .
حكم رؤية أكثر من فتاة للخطبة
فإذا تحققت هذه الشروط ، فلا حرج على الإنسان أن يتقدم لأكثر من فتاة، عازما على أخذ ما يراه أقرب إليه منهن.
ومما يستأنس به لتأكيد الجواز- وهو الأصل- أن المرأة لها أن تنظر في أكثر من طلبٍ لخطبتها، قبل أن تجيب واحدا منهم، كما في حديث فاطمة بنت قيس قَالَتْ: "فَلَمَّا حَلَلْتُ ، ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: انْكِحِي أُسَامَةَ ، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ." رواه مسلم (1480)
لكن ينبغي لهذا الخاطب أن يضيق دائرة الاختيار ما استطاع، ليتجنب دخول بيوت الناس، وإدخال الضيق والغم على من يتركها.
ولو اقتصر على رؤية واحدة، واحدة، أخذ القرار في شأنه بعد رؤيتها ، كما هو المعتاد من أحوال الناس: فهو أحسن.
كما ينبغي له أن يستخير قبل رؤية من يريد التقدم إليها.
والله أعلم.
تعليق