الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

من المقررات الدراسية مادة (النحت)، فكيف تتعامل معها؟

352690

تاريخ النشر : 03-04-2024

المشاهدات : 1458

السؤال

كليتى مثل كلية الفنون الجميلة، وعندى مادة النحت، معها كذا مادة، فالنحت ليس مادة أساسية عندى، لكن طبعا فيها نجاح وسقوط، ولا يمكنني التحويل من الكلية بسبب انخفاض معدلي، ومن الصعب فى هذه الفترة التحويل، فماذا أفعل، فأنا مجبرة على هذه الكلية، وليس في نيتي الاستمرار في النحت بعد التخرج من الكلية؟

الجواب

الحمد لله.

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تحريم تصوير ذوات الأرواح، كما في حديث عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ ، يُقَالُ لَهُمْ : أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ رواه البخاري (5951)، ومسلم (2108).

وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِي عَلَى سَهْوَةٍ لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَتَكَهُ وَقَالَ :  أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ  رواه البخاري (5954)، ومسلم (2107).

وخاصة ما كان منحوتا على شكل تماثيل، فهذا النوع من التصوير لا يختلف العلماء في تحريمه.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" ولا يختلف فى كراهة ما كان له ظل [وهو التماثيل المجسمة] ووجوب تغييره وكسره، إلا ما ورد فى اللعب بالبنات لصغار البنات والرخصة فى ذلك " انتهى من "إكمال المعلم" (6/ 635).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" ابن العربي من المالكية نقل: أن الصورة إذا كان لها ظل حرم بالإجماع سواء كانت مما يمتهن أم لا.

وهذا الإجماع محله في غير لعب البنات كما سأذكره " انتهى من "فتح الباري" (10/388).

فلذا عليك أن تحتالي لتجنب هذا المنكر:

1-كأن تنحتي ما ليس له روح، كالأشجار والأزهار ونحوها.

عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ ! إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لاَ أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ من رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ( مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا.

فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ.

فَقَالَ: وَيْحَكَ! إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ " رواه البخاري (2225)، ومسلم (2110).

قال النووي رحمه الله تعالى:

" ... الأحاديث صريحة في تحريم تصوير الحيوان ، وأنه غليظ التحريم ، وأما الشجر ونحوه ممالا روح فيه فلا تحرم صنعته ولا التكسب به ، وسواء الشجر المثمر وغيره، وهذا مذهب العلماء كافة إلا مجاهدًا فإنه جعل الشجر المثمر من المكروه، قال القاضي : لم يقله أحد غير مجاهد. واحتج مجاهد بقوله تعالى: ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي ). واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم: ( ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم ) أي اجعلوه حيوانا ذا روح كما ضاهيتم، وعليه رواية: ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي ) ويؤيده حديث بن عباس رضي الله عنه المذكور في الكتاب: ( إن كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر وما لانفس له ) " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (14 / 90 – 91).

2- أو تنحتي ما يطلب منك مما فيه روح، لكن من غير رأس، أو له رأس، لكنه خال مما هو شرط في الحياة؛ يعني: أن تكون صورة نصفية، مثلا، أو أقل من ذلك، بحيث لا يمكن أن تكون هذه الصورة "حية" في الواقع، على هذا الوضع؛ ولو أدى ذلك إلى نقصان درجات هذه المادة.

عن أَبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ لِي: أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ يُقْطَعُ فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مَنْبُوذَتَيْنِ تُوطَآَنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَلْيُخْرَجْ رواه أبوداود (4158)، والترمذي (2806) وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

قال الخطابي رحمه الله تعالى:

" وفيه دليل على أن الصورة إذا غيرت بأن يقطع رأسها، أو تُحل أوصالها حتى تغير هيئتها عما كانت؛ لم يكن بها بعد ذلك بأس " انتهى من "معالم السنن" (4/207).

وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (106042)، ورقم: (72915).

والذي ننصحك أن تبحثي عن كلية آخرى مناسبة لك، تنتفعين بالدراسة فيها، ولو كانت أقل من كليتك في "مجموعها"، أو نظرة الناس إليها؛ فالمهم لك: هو ما ينفعك في دينك، وديناك، لا يما يضيق عليك شأنه، ويوقعك في حرج من دينك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب