الحمد لله.
تجوز الدعاية والتسويق للأجهزة الطبية التي تستعمل في عمليات التجميل، بشرط أن يكون التسويق لمن لا يستعملها في عمليات محرمة، كالنمص، والوشم، وتحديد الفك، ونفخ الخدود وإزالة التجاعيد بالحقن، والوشر أو التفليج للأسنان، وغير ذلك من عمليات التجميل المحرمة التي يراد منه زيادة الحسن؛ لأنه لا يجوز بيع ما يستعان به على المعصية.
وينظر: جواب السؤال رقم: (21119)، ورقم: (297588)، ورقم: (113337)، ورقم: (295774).
ويجوز التسويق والبيع لمن يستعمل هذه الأجهزة في المباح.
فإن جُهل الحال، ولم تدر في أي شيء يستعمل، وكانت هذه الأجهزة صالحة للعمل في العمليات المباحة والمحرمة: جاز التسويق.
والأصل في ذلك قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2.
قال ابن قدامة : " وجملة ذلك ; أن بيع العصير لمن يعتقد أنه يتخذه خمرا محرم " ثم قال : " وهكذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام , كبيع السلاح لأهل الحرب , أو لقطاع الطريق , أو في الفتنة , وبيع الأمة للغناء , أو إجارتها كذلك , أو إجارة داره لبيع الخمر فيها , أو لتتخذ كنيسة , أو بيت نار , وأشباه ذلك . فهذا حرام , والعقد باطل ; لما قدمنا . قال ابن عقيل : وقد نص أحمد رحمه الله على مسائل , نبه بها على ذلك , فقال في القصاب والخباز : إذا علم أن من يشتري منه , يدعو عليه من يشرب المسكر , لا يبيعه , ومن يخترط الأقداح لا يبيعها ممن يشرب فيها . ونهى عن بيع الديباج للرجال , ولا بأس ببيعه للنساء " انتهى من "المغني" (4/154).
وجاء في "الموسوعة الفقهية"(9/211):
" ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام , وكل تصرف يفضي إلى معصية فهو محرم , فيمتنع بيع كل شيء عُلم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز .
فمن أمثلته عند المالكية : بيع الأمة لأهل الفساد، والأرض لتتخذ كنيسة أو خمارة، وبيع الخشب لمن يتخذه صليبا، والنحاس لمن يتخذه ناقوسا. قال الدسوقي : وكذا يمنع أن يباع للحربيين آلة الحرب، من سلاح أو كراع أو سرج، وكل ما يتقوون به في الحرب، من نحاس أو خباء أو ماعون ...
ومن أمثلته عند الشافعية : بيع مخدر لمن يظن أنه يتعاطاه على وجه محرم، وخشب لمن يتخذه آلة لهو، وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة . وكذا بيع سلاح لنحو باغ وقاطع طريق , ...
ومن أمثلته عند الحنابلة : بيع السلاح لأهل الحرب، أو لقطاع الطريق، أو في الفتنة، أو إجارة داره لبيع الخمر فيها، أو لتتخذ كنيسة، أو بيت نار وأشباه ذلك، فهذا حرام " انتهى.
وجاء فيها (9/ 210): " اشترط الجمهور للمنع من هذا البيع: أن يعلم البائع بقصد المشتري اتخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم لم يكره بلا خلاف، كما ذكره القهستاني من الحنفية، وهو صريح كلام المرغيناني الآنف الذكر.
وكذلك قال ابن قدامة: إنما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري ذلك: إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك.
أما الشافعية: فاكتفوا بظن البائع أن المشتري يعصر خمرا أو مسكرا، واختاره ابن تيمية.
أما إذا لم يعلم البائع بحال المشتري، أو كان المشتري ممن يعمل الخل والخمر معا، أو كان البائع يشك في حاله، أو يتوهم:
- فمذهب الجمهور الجواز، كما هو نص الحنفية والحنابلة.
- ومذهب الشافعية أن البيع في حال الشك أو التوهم مكروه" انتهى.
فإذا كنت ستسوق الأجهزة لمن يستعملها في الحرام، فإن عملك محرم، وما ينتج عن التسويق المحرم من دخل فهو حرام، ولا يجوز لعاقل أن يقترف الإثم ويقول: إنه يتوب بعد ذلك، فما يؤمنّه أنه سيعيش حتى يتوب، وما يؤمّنه أنه إن تاب قبل الله توبته!
وإذا كنت ستسوق الأجهزة لمن يستعملها في المباح، أو لم تعلم حاله، فلا حرج.
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وأن ما عند الله لا ينال بمعصيته.
ونسأل الله أن يرزقك رزقا حلالا وأن يبارك لك فيه.
والله أعلم.
تعليق