الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

تزوج امرأة وطلقها يوم العقد وأقسم أنه لم يدخل بها، وولدت بنتا، وادعت أنها منه، ومات الرجل، فهل ترثه؟ وتكون أختا لأبنائه؟

364720

تاريخ النشر : 01-03-2022

المشاهدات : 3497

السؤال

لي أب رحمه الله تعالى كان قد تزوج من امرأة و لم يدخل بها، وذلك ما ثبت عنه، فكان رحمه الله تعالى يقسم بالله على إنه لم يخالط هذا المرأة بأي شكل من الأشكال، وفي اليوم الذي عقدها وقعت حادثة كبيرة، و تم استدعائه في الحال فطلقها، ولم يرجع إلا بعد ثلاث سنوات إلى تلك المنطقة، وبعد رجوعه علم بأن المرأة قد وضعت مولودها، وبأنها تدعي أنه له فأنكر، واستنكر، وأقسم على إنه لم يلمسها، وبعد فترة رفع أهل المذكورة دعوى عليه فحكم القاضي الأول على إنها له، فاستأنف الحكم، فحكم القاضي له بأنها ليست ابنته، وحكم عليهم باللعان، ولم يثبت فيما وجدناه بعد وفاته من أوراق ما يدل على أن اللعان قد وقع، فورثت منه، وكان لها نصيبها من التركة كاملا لم ينقص درهما ولا دينارا، ولكن بقي في النفس شيء. سؤالي في هذه المسألة كالتالي : أريد أن أعرف هل تعتبر هذه الفتاة أختي أم لا ؟ وما هو حكم مخالطتي لها ومصافحتها في إطار الأخوة الشرعية؟ وهل يجب علي البحث عن حكم للعان إذا كان موجودا، مع العلم بأن ذلك سيكون فضيحة للفتاة إذا وجد، وعدم البحث فيه ستر لها، وأصحاب الحق تنازلوا عن حقوقهم إن كان لهم حقوق؟ فما هو الحكم الشرعي في هذه الحال ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من تزوج امرأة، ثم أتت بمولود بعد ستة أشهر من عقده عليها، وإمكان اجتماعه بها، وعاش المولود، فهو ولده شرعا، لا ينتفي منه إلا باللعان.

قال في "أخصر المختصرات"، ص 225: "وَمن أتت زَوجته بِولد بعد نصف سنة مُنْذُ أمكن اجتماعه بهَا، أَوْ لدونَ أرْبَعْ سِنِين مُنْذُ أبانها ... لحقه نسبه" انتهى.

ثانيا:

إذا علم الرجل أن الولد ليس له، وجب أن ينفيه باللعان، وطريق العلم بذلك ألا يكون وطئها، أو وطئها وجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من الوطء وعاش.

قال النووي رحمه الله في المنهاج: " ولو أتت بولد، وعلم أنه ليس منه: لزمه نفيه، وإنما يُعلم: إذا لم يطأ، أو ولدته لدون ستة أشهر من الوطء، أو فوق أربع سنين".

وقال الخطيب الشربيني في شرحه "مغني المحتاج" (3/ 373): " (ولو أتت بولد) يمكن كونه منه، (وعلم)، أو ظن ظنا مؤكدا، (أنه ليس منه: لزمه نفيه)؛ لأن ترك النفي يتضمن استلحاقه، واستلحاق من ليس منه حرام، كما يحرم نفي من هو منه ...

(وإنما يَعلم) أن الولد ليس منه (إذا لم يطأ) زوجته أصلا، (أو) وطئها ولكن (ولدته لدون ستة أشهر من الوطء)، التي هي أقل مدة الحمل (أو فوق أربع سنين) منه، التي هي أكثر مدة الحمل. وفي معنى الوطء: استدخالُ المني.

(فلو ولدته لما بينهما)؛ أي بين ستة أشهر من وطئه، وأربع سنين منه (ولم تستبرئ) بعده (بحيضة: حرم النفي) للولد باللعان، رعاية للفراش، ولا عبرة بريبة يجدها في نفسه، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه: احتجب الله منه يوم القيامة، وفضحه على رءوس الخلائق رواه أبو داود والنسائي وغيرهما ...

(ولو علم) الزوج (زناها، واحتمل) - على السواء - (كون الولد منه ، ومن الزنا) ؛ بأن لم يستبرئها بعد وطئه : (حرم النفي) ؛ رعاية للفراش" انتهى.

وما لم يحصل اللعان، فإن هذه البنت تنسب لأبيك، وترثه.

واللعان يمكن أن تسأل عنه أحد الثقات في تلك المنطقة، بشرط أمن الفضيحة وانتشار الكلام ، أو يمكن الرجوع إلى المحكمة .

وإذا لم يتبين لك هل لاعن والدك أم لا، فالأحوط لك ألا تعاملها معاملة الأخوات من كل وجه، بل تصلها وتحسن إليها، لكن لا تخلو بها، ولا تسافر معها بمفردك، ولو أمكن ألا تصافحها فهو أولى.

وهذا المسلك في الاحتياط دل عليه: ما روى البخاري (2053)، ومسلم (1457) : " أَنَّ َسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ تنازع هو وعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي عبدٍ لزَمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هذا ابن أَخِي عتبة بن أبي وقاص عهد به إليَّ فهو ابنه ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ : هذا أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي ، فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ:  هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، ثم قال لسودة بنت زمعة ، وهي إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها: احْتَجِبِي عنْهُ يَا سَوْدَةُ .

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَة) فَأَمَرَهَا بِهِ نَدْبًا وَاحْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهُ فِي ظَاهِر الشَّرْع أَخُوهَا لِأَنَّهُ أُلْحِقَ بِأَبِيهَا؛ لَكِنْ لَمَّا رَأَى الشَّبَه الْبَيِّن بِعُتْبَةَ بْن أَبِي وَقَّاص، خَشِيَ أَنْ يَكُون مِنْ مَائِهِ، فَيَكُون أَجْنَبِيًّا مِنْهَا؛ فَأَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ اِحْتِيَاطًا ... " انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب