الحمد لله.
أولا:
من استأجر أرضا وزرعها شيئا تجب فيه الزكاة فإن الزكاة على المستأجر في قول جمهور العلماء، كما سبق بيان ذلك في جواب سؤال :(على من تكون زكاة الأرض المستأجرة للزراعة ؟).
ثانيا:
القمح إذا بلغ نصابا ففيه الزكاة، والنصاب خمسة أوسق، والوَسق: ستون صاعاً، وهو ما يعادل 612 كيلو تقريبا، فيخرج العشر إن كان يسقى بماء المطر أو بلا كلفة، ويخرج نصف العشر إن كان يسقى بالماكينات ونحوها.
فإن كان أقل من ذلك لم تجب فيه الزكاة.
ثالثا:
أما الشعير هنا ففيه تفصيل:
1-فإن كان باعه بعد بدو صلاحه- وذلك باشتداد الحب، بأن يصير قويا لا ينضغط بضغطه- فبيعه صحيح، وزكاته على البائع؛ لأنه كان يملك الشعير وقت الوجوب وهو اشتداد الحب. ويجوز للبائع أن يشترط الزكاة على المشتري.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/417) : "(ووقت وجوب) زكاة (في حب إذا اشتد) ، لأن اشتداده حال صلاحه للأخذ والتوسيق والادخار . (و) وقت وجوبها (في ثمرة : إذا بدا صلاحها)، أي بطيب أكلها وظهور نضجها .... ولأن الحب والثمر في الحالين يقصدان للأكل والاقتيات...
(فلو باع) مالكٌ (الحبَّ أو الثمرة) أو وهبهما ... (بعد) الاشتداد وبدو الصلاح (لم تسقط) زكاته ....
(ويصح) ممن باع حبا أو ثمرة بعد الوجوب (اشتراط الإخراج) للزكاة (على مشتر)؛ للعلم بها، فكأنه استثنى قدرها، ووكله في إخراجها، حتى لو تعذرت من مشتر طولب بها بائع" انتهى.
وإذا باع الحب قبل حصاده فإنه يخرج الزكاة من ثمنه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"لا بأس أن يخرج الفلاح زكاة ثماره من الدراهم، إذا باع الثمر" انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/83).
2-وإن باعه قبل بدو صلاحه ليقطعه المشتري في الحال، فالبيع صحيح، ولا زكاة على أحد فيه لأن لن يبقى للحصاد.
3-وإن باعه قبل بدو صلاحه، وليس بشرط قطعه في الحال، بل المشتري يريده إلى الحصاد، فهذا بيع محرم لا يصح، ويجب فسخه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (نَهَى عَن بَيعِ الثَّمَارِ حَتَّى يَبدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى البَائِعَ وَالمُبتَاعَ - أي المشتري -) رواه البخاري (2194)، ومسلم (1534).
ويستثنى من ذلك: أن يباع مع أصله، أي مع الشجر، أو مع الشجر والأرض، أو يباع بشرط القطع في الحال إذا كان ينتفع به، أو يباع لصاحب الأرض.
قال في "منار السبيل" (1/337): " (ولا يصح بيع الثمرة قبل بدو صلاحها) لحديث ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها. نهى البائع والمبتاع) متفق عليه. والنهي يقتضي الفساد. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث.
(لغير مالك الأصل) ؛ فإن كان له : صح ؛ لحصول التسليم للمشتري على الكمال، كبيعها مع أصلها. قال في الشرح: وبيع الثمرة قبل الصلاح مع الأصل جائز بالإجماع.
(ولا بيع الزرع قبل اشتداد حبه) ؛ لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة. نهى البائع والمشترى . رواه مسلم. قال ابن المنذر: لا أعلم أحداً يعدل عن القول به.
(لغير مالك الأرض) فإن باعه لمالك الأرض: صح، لحصول التسليم للمشتري على الكمال.
فإن بيعت الثمرة قبل بدو الصلاح، أو الزرع قبل اشتداده، بشرط القطع في الحال، صح إن انتُفع بهما، وليسا مشاعين، لأن المنع لخوف التلف وحدوث العاهة قبل الأخذ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم، في حديث أنس: "أرأيت إن منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ " رواه البخاري، وهذا مأمون فيما يُقطع؛ فيصح بيعه.
فإن باعها بشرط القطع، ثم تركه المشتري حتى بدا الصلاح، أو طالت الجزة، أو حدثت ثمرة أخرى فلم تتميز، أو اشترى عَرية ليأكلها رُطَباً، فأتمرت: بطل البيع. وعنه: لا يبطل، ويشتركان في الزيادة، وعنه: يتصدقان بها، قاله في الشرح" انتهى.
رابعا:
التكاليف التي تكلفها في الزرع وما استدانه لأجرة الأرض، كل ذلك لا يخصم من الزكاة على الراجح، وهو المفتى به في الموقع. وينظر: جواب سؤال:(هل تخصم نفقات الزرع ومؤنته من الزكاة؟).
والله أعلم.
تعليق