الحمد لله.
النصيحة لعباد الله المؤمنين من الأعمال الصالحة والقرب التي يتقرب بها العبد إلى الله؛ لما روى مسلم (55) عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ؟ قال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ.
قال ابن بطال في "شرح البخاري" (1/129): "والنصيحة فرض، يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين.
والنصيحة لازمة على قدر الطاقة؛ إذا علم الناصح أنه يُقبل نصحُه، ويُطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه.
وأما إن خشى الأذى؛ فهو في سعة منها" انتهى.
ونقله النووي في "شرح مسلم"(2/39).
فإذا كان الإمام يذكر حديثا موضوعا أو متفقا على ضعفه، فإنه يتأكد نصحه، مع مراعاة الرفق واللين ومراعاة أقدار الناس.
وأما الأحكام الفقهية، فإذا كان الإمام يقلد مذهبا معينا، أو يحكي قولا معتبرا في مسألة، فإنه لا يُنكَر عليه، ولا يُناصَح إلا إذا كان يقبل ذلك، ويرحب به؛ لأن الخلاف الفقهي مجاله واسع، ولا يمكن حسمه، وليس كل إنسان مؤهلا للترجيح والنظر في الأدلة. وقد يظن الإنسان أن المذهب لم يذكر دليلا، ولا يكون الأمر كذلك، وإنما ذُكر الدليل في المطولات دون المختصرات، أو كان وجه الاستدلال بالدليل دقيقا.
والذي يبدو لنا أن النفور حصل منك لأنك تناقش هؤلاء الأئمة في المسائل الفقهية وتذكر لهم ما تراه عليه الدليل، فالنصيحة لك ألا تفعل ذلك إلا بقلة، مع من يحب ذلك ويقبله منك.
وإذا لم تنصح لكون المنصوح لا يقبل، فلا شيء عليك، كما تقدم في كلام ابن بطال.
والله أعلم.
تعليق