الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

معتدة من وفاة، وترغب في المبيت عند ابنتها المريضة بسبب الولادة؟

380008

تاريخ النشر : 30-03-2022

المشاهدات : 7952

السؤال

ستلد زوجتي، وتريد والدتها المكوث معها، ولكنها في شهور العدة لوفاة زوجها، فهل يجوز ذلك، أم يجب أن تبيت والدتها في بيتها؟ وهل يجوز للأم أن تذهب لتبيت عند بنتها، وهي في شهور العدة، لخدمة ابنتها نظرا لعدم الزوج بشكل دائم؟

الجواب

الحمد لله.

يجب على المعتدة من وفاة زوجها أن تلازم بيت الزوجية الذي كانت تقيم فيه قبل وفاة زوجها، وتبيت فيه مدة عدتها.

عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عَجْرَةَ، أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ، وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَتْهَا: " أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ، فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، فَإِنِّي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ، وَلَا نَفَقَةٍ؟ قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، دَعَانِي، أَوْ أَمَرَ بِي، فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ قُلْتِ؟ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي، قَالَتْ: فَقَالَ: (امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ، وَقَضَى بِهِ" رواه أبوداود(2300)، والترمذي(1204) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيح".

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" وحديث سعد بن إسحاق هذا – حديث الفريعة - مشهور عند الفقهاء بالحجاز والعراق، معمول به عندهم، تلقوه بالقبول وأفتوا به، وإليه ذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وأحمد بن حنبل، كلهم يقول: إن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها الذي كانت تسكنه، وسواء كان لها أو لزوجها، ولا تبيت إلا فيه حتى تنقضي عدتها، ولها أن تخرج نهارها في حوائجها ... " انتهى من"الاستذكار"(18/181).

وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" للمعتدة الخروج في حوائجها نهارا، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها...

وليس لها المبيت في غير بيتها، ولا الخروج ليلا، إلا لضرورة " انتهى من "المغني"(11/297).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

"قوله: ولها الخروج لحاجتها نهاراً لا ليلاً الانتقال من المنزل لا يجوز، لكن الخروج مع البقاء في المنزل، هل يجوز أو لا؟

نقول: هذا لا يخلو من ثلاث حالات: إما أن يكون لضرورة، أو لحاجة، أو لغير ضرورة ولا حاجة.

الحال الأولى: إذا كان لغير ضرورة ولا حاجة، فإنه لا يجوز، مثل لو قالت: أريد أن أخرج للنزهة، أو للعمرة، فإنه لا يجوز؛ لأنه ليس لحاجة ولا لضرورة.

الحال الثانية: أن يكون الخروج من البيت للضرورة، فهذا جائز ليلاً ونهاراً، مثلاً حصل مطر، وخشيت على نفسها أن يسقط البيت، فإنها تخرج للضرورة، لكن إذا وقف المطر وصُلِّح البيت ترجع، ومثل ذلك لو شبت نار في البيت.

الحال الثالثة: أن يكون لحاجة، مثل لو ذهبت تشتري مثلاً عصيراً؛ أو تشتري شاياً، ومنها أن تكون مدرِّسة فتخرج للتدريس في النهار، ومنها أن تكون دارسة فتخرج للدراسة في النهار لا في الليل، ومنها أنها إذا ضاق صدرها فإنها تخرج إلى جارتها في البيت لتستأنس بها في النهار فقط؛ لأن أزمة ضيق الصدر قد تتطور إلى مرض نفسي، ومنها أن تخرج لتزور أباها المريض، فهي حاجة من جهة الأب، ومن جهتها هي، أما هي فستكون قلقة؛ حيث لم ترَ بعينها حال أبيها، وأما أبوها فإن قلب الوالد يحن إلى ولده، فنقول: لا بأس أن تخرج لتعود أباها إذا مرض، أو أمها، أو أحداً من أقاربها.

فلها أن تخرج نهاراً لا ليلاً؛ ووجه التفريق بين الليل والنهار أن الناس في النهار في الخارج والأمن عليها أكثر، وبالليل الناس مختفون والخوف عليها أشد" اتهى من "الشرح الممتع" (13/413) .

وعلى هذا  فيفرق بين الليل والنهار ، أما النهار فيجوز لها الذهاب إلى ابنتها نهارا ؛ فتقضي معها النهار.

فإن كان ثم حاجة من البنت لأمها بعضا من الوقت في الليل، لترتيب بعض أمرها؛ فلا تطيل المكث عندها، فلا تطيل البقاء في الليل عندها، بل تهيئ لها شأنها أول الليل، ثم تنصرف.

قال أبو داود : قال الإمام أحمد : لا تخرج [يعني : المعتدة من وفاة] . قلت : بالنهار ؟ قال : بلى [ يعني : تخرج] . لكن لا تبيت ، قلت : بعضَ الليل ؟ قال تكون أكثره في بيتها" انتهى من "الفروع" (9/261) .

فإن كان لا بد وأن تقيم الأم مع ابنتها، إما لحاجتها من يخدمها، وليس عندها أحد سوى أمها، فلتنتقل هي إلى بيت أمها ، وذلك معروف شائع في مثل تلك الحال.

ولا عبرة بالعرف الاجتماعي في بعض البلاد: أن تبيت الأم عند ابنتها مدة نفاسها، أو أول هذه المدة ، فإن ذلك مخالف للأمر الشرعي للمعتدة بالقرار في بيتها .

وقد سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":

" امرأة كبيرة السن، لا تعرف أحدا لكبر سنها، وهي مقعدة ولها بنتان تتناوبان عندها لخدمتها في بيت أحد أبنائها، وتوفي زوج واحدة من بناتها واعتدت هذه البنت في بيت زوجها، لا تخرج منه حتى تنتهي عدة الوفاة، ويلحق أختها ضرر كبير في الجلوس عند أمها حتى تنتهي عدة أختها، حيث لها أولاد صغار وليس عندها أحد يقوم بهم، فهل يجوز لأختها أن تقضي بعض عدتها عند أمها في بيت شقيقها بصفتهم محارم لها، أخوها وأولاده؟ أفيدونا أثابكم الله.

الجواب: يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تعتد في بيت زوجها، ولا يجوز لها الذهاب إلى بيت أخيها لتمريض أمها قبل انتهاء عدة الوفاة.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (20/468).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب