السبت 29 جمادى الأولى 1446 - 30 نوفمبر 2024
العربية

الفرق بين الصدقة والإنفاق

383173

تاريخ النشر : 21-01-2023

المشاهدات : 11088

السؤال

ما الفرق بين الصدقة والإنفاق؟ جاء في كتاب الله عز وجل: (المتصدقين)، (المنفقين)، (تصدقوا)، (تنفقوا)، فما الفرق بينهم؟

الحمد لله.

أولًا:

معنى الصدقة 

الصدقة : ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة، كالزَّكاة.

لكن ‌الصدَّقة في الأصل: تقال للمتطوَّع به، والزَّكاة للواجب.

وقد يسمَّى الواجب صدقة، إذا تحرَّى صاحبها الصِّدق في فعله. قال: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً التوبة/103، وقال: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ التوبة/60.

.. ويقال لما تجافى عنه الإنسان من حقّه: تَصَدَّقَ به، نحو قوله: وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ المائدة/45، أي: من تجافى عنه، وقوله: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ، وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ البقرة/280، فإنه أجرى ما يُسامَح به المعسِر مجرى ‌الصَّدقة».

انظر: "المفردات في غريب القرآن" (480-481).

وينظر أيضا: "المعجم الاشتقاقي المؤصل" (3/1210).

ثانيًا:

معنى النفقة والإنفاق

أما النفقة فمن: " نَفَقَ الشَّيْءُ: مَضَى ونَفِدَ، يَنْفُقُ.. والإِنْفَاقُ قد يكون في المَالِ، وفي غَيْرِهِ، وقد يكون واجبًا وتطوُّعًا، قال تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ الله البقرة/195،  وأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ البقرة/254 وقال: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ آل عمران/92].. إلى غير ذلك من الآيات".

"المفردات في غريب القرآن" (819).

«والنفَقة -محركة: ما يُنْفَق من الدراهم (وغيرها)، (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ)البقرة/270]".

"المعجم الاشتقاقي المؤصل" (4/2242).

ثالثًا:

النفقة أعم من الصدقة

ظهر من كلام الراغب السابق أن النفقة أعم من الصدقة، من جهة أنها تكون في المال وغير المال، وتكون في الإنفاق الواجب، وإنفاق التطوع.

وأنَّ الصدقة في القرآن: خاصَّة بما يخرجه الإنسان من ماله، والأصل في استعماله أن يكون في التطوع، وقد يستعمل في الواجب.

ومما يُظهر الفرق بين الصدقة والنفقة، وأنَّ النفقة تستعمل فيما هو أعم من الصدقة، بل تستعمل في إخراج المال في غير وجوه الخير ما ذكره "الفيروزآبادي" في "بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز" (5/106):

"وردت النَّفَقَةُ في القرآن على وجوه:

1- بمَعْنَى فَرْضِ الزَّكاة: (وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)، أَي يزكون ويَتَصدّقون.

2- وبمعنى التَطَوُّع بالصَّدقات: (الذين يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ والضرآء)، (وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً)، (الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بالليل والنهار)؛ أَي: يتطَّوعُون بالصّدَقَة.

3- وبمعنَى الإِنْفاق في الجهاد: (وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله)، (الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله)، (لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الفتح).

4- وبمعنى الإِنْفاقِ على العِيال والأَهل: (وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ)، (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ).

5- وبمعنى الإِنْفاق في عِمارةِ الدُّنيا والنَّدَم عليه: (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا).

6- وبمعنى الفَقْر والإِمْلاق: (إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنفاق).

7- وبمعنى رزْق الحَقّ الخَلْقَ، في عُموم الحالات: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) أَى يرزقُ.

8- وبمعنى نَفَقَةِ المُخْلِصين طَلَباً لمرضاتِ الله تعالى: (وَمَثَلُ الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابتغآء مَرْضَاتِ الله).

9- وبمعنى نَفَقَةِ اليهودِ أَموالَهم تقويةً للكُفْر: (كالذي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ الناس)، (مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هاذه الحياة الدنيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ).

10- وبمعنى إِنْفاقِ المُؤمنين أَمْوالَهم انتظارًا للثَّوابِ: (ياأيها الذين آمنوا أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ)، (وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ الله يَعْلَمُهُ)، (وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ)"، انتهى.

وانظر للفائدة الجواب رقم: (9449)، ورقم: (289114).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب