الحمد لله.
قول الإنسان: ثقة بالله أفعل ذلك، أو سأفعل كذا ثقة بالله، ليس يمينا، وإنما هو تبركٌ بذكر اسمه تعالى، واعتمادٌ عليه، كما لو قال: سأفعل كذا اعتمادا على الله.
قال في "الروض المربع" (ص694): " (واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث) فيها (هي اليمين) التي يُحلف فيها (بـ) اسم (الله) الذي لا يسمى به غيره، كالله، والقديم الأزلي، والأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، وخالق الخلق، ورب العالمين، والرحمن، أو الذي يسمى به غيره، ولم ينو الغير، كالرحيم والخالق والرازق والمولى، (أو) بـ (صفة من صفاته) تعالى، كوجه الله وعظمته وكبريائه وجلاله وعزته وعهده وأمانته وإرادته، (أو بالقرآن، أو بالمصحف) ، أو بسورة، أو آية منه" انتهى.
والمشروع لمن أراد فعل شيء مستقبل أن يقول: إن شاء الله؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا) الكهف/ 23، 24
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (5/ 148): "هذا إرشاد من الله لرسوله الله صلوات الله وسلامه عليه، إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعله في المستقبل؛ أن يرُدَّ ذلك إلى مشيئة الله، عز وجل، علام الغيوب، الذي يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة - وفي رواية تسعين امرأة. وفي رواية: مائة امرأة- تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله، فقيل له -وفي رواية: فقال له الملك- قل: إن شاء الله، فلم يقل. فطاف بهن فلم يلد منهن إلا امرأة واحدة؛ نصفَ إنسان"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لو قال: "إن شاء الله" لم يحنث، وكان دركا لحاجته"، وفي رواية: "ولقاتلوا في سبيل الله فرسانا أجمعون.
وقد تقدم في أول السورة ذكر سبب نزول هذه الآية في قول النبي صلى الله عليه وسلم، لما سئل عن قصة أصحاب الكهف: "غدا أجيبكم". فتأخر الوحي خمسة عشر يوما، وقد ذكرناه بطوله في أول السورة، فأغنى عن إعادته.
وقوله: واذكر ربك إذا نسيت قيل: معناه إذا نسيت الاستثناء، فاستثن عند ذكرك له. قاله أبو العالية، والحسن البصري" انتهى.
والحاصل:
أن قول الإنسان: ثقة بالله: ليس يمينا، ولا بأس به، غير أنه لا يغني عن ذكر المشيئة، وهي المشروعة في مثل هذا المقام.
والله أعلم.
تعليق