الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

فضل التبرع بالدم، وهل يكون صدقة؟

388139

تاريخ النشر : 02-11-2022

المشاهدات : 18000

السؤال

هل المسلم الذي يتبرع بالدم يؤجر؟ وهل تكون له صدقة؟

الجواب

الحمد لله.

وردت أدلة كثيرة من القرآن الكريم ، والسنة النبوية تدل على فضل الإحسان إلى الناس ومساعدتهم ، وتفريج كرباتهم ، وهذه الأدلة بعمومها تشمل التبرع بالدم . قال الله تعالى : وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ البقرة/195.

وقال تعالى في إحياء النفس: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا المائدة/32.

وروى البخاري (2442)، ومسلم (6743) – عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :  الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

قال الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام" :

"فَضِيلَةُ مَنْ فَرَّجَ عَنْ الْمُسْلِمِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، وَتَفْرِيجُهَا إمَّا بِإِعْطَائِهِ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَتْ كُرْبَتُهُ مِنْ حَاجَةٍ ، أَوْ بَذْلِ جَاهِهِ فِي طَلَبِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ ، أَوْ قَرْضِهِ، وَإِنْ كَانَتْ كُرْبَتُهُ مِنْ ظُلْمِ ظَالِمٍ لَهُ فَرَّجَهَا بِالسَّعْيِ فِي رَفْعِهَا عَنْهُ أَوْ تَخْفِيفِهَا، وَإِنْ كَانَتْ كُرْبَةَ مَرَضٍ أَصَابَهُ أَعَانَهُ عَلَى الدَّوَاءِ إنْ كَانَ لَدَيْهِ أَوْ طَبِيبٍ يَنْفَعُهُ، وَبِالْجُمْلَةِ؛ تَفْرِيجُ الْكُرَبِ بَابٌ وَاسِعٌ، فَإِنَّهُ يَشْمَلُ إزَالَةَ كُلِّ مَا يَنْزِلُ بِالْعَبْدِ أَوْ تَخْفِيفَهُ" انتهى.

وروى البخاري (2363)، ومسلم (5996) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِى فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ ، فَقَالَ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِى بَلَغَ بِى ، فَمَلأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ، ثُمَّ رَقِي، فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ، فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَنَا فِى الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟ قَالَ: فِى كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ .

قال النووي في شرح صحيح مسلم:

"قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فِي كُلّ كَبِد رَطْبَة أَجْر)

مَعْنَاهُ : فِي الْإِحْسَان إِلَى كُلّ حَيَوَان حَيّ بِسَقْيِهِ وَنَحْوه أَجْر ، وَسُمِّيَ الْحَيّ ذَا كَبِد رَطْبَة ، لِأَنَّ الْمَيِّت يَجِفّ جِسْمه وَكَبِده . فَفِي الْحَدِيث الْحَثّ عَلَى الْإِحْسَان إِلَى الْحَيَوَان الْمُحْتَرَم ، وَهُوَ مَا لَا يُؤْمَر بِقَتْلِهِ .

فَأَمَّا الْمَأْمُور بِقَتْلِهِ : فَيَمْتَثِل أَمْر الشَّرْع فِي قَتْله ، وَالْمَأْمُور بِقَتْلِهِ كَالْكَافِرِ الْحَرْبِيّ وَالْمُرْتَدّ وَالْكَلْب الْعَقُور وَالْفَوَاسِق الْخَمْس الْمَذْكُورَات فِي الْحَدِيث وَمَا فِي مَعْنَاهُنَّ .

وَأَمَّا الْمُحْتَرَم : فَيَحْصُل الثَّوَاب بِسَقْيِهِ ، وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ أَيْضًا بِإِطْعَامِهِ وَغَيْره ، سَوَاء كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا ، وَسَوَاء كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ " انتهى .

فإذا كان هذا الثواب فيمن سقى كلبا، فكيف بمن أنقذ مسلما من الموت؟

وروى مسلم (2375) عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ .

قال النووي رحمه الله :

"(كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ)

أَيْ : لَهُ حُكْمهَا فِي الثَّوَاب . وفيه بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْمَعْرُوفِ" انتهى .

وروى مسلم (2382) عن أبي هُرَيْرَةَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : تَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ ، وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ.

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

هل يجوز لي التبرع بنقل دم لمريض أوشك على الهلاك وهو على غير دين الإسلام؟

فأجاب :

".... فإذا اضطر المعاهد أو الكافر المستأمن الذي ليس بيننا وبينه حرب، إذا اضطر إلى ذلك فلا بأس بالصدقة عليه من الدم، كما لو اضطر إلى الميتة، وأنت مأجور في ذلك; لأنه لا حرج عليك أن تسعف من اضطر إلى الصدقة" انتهى ، "فتاوى نور على الدرب" .

وينظر السؤال رقم: (129113).

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" التبرع بالدم جائز إذا كان لا يؤثر على صحة المتبرع، لكن إذا ترتب عليه إنقاذ معصوم ولا يوجد غيره فإنه يجب والحالة هذه.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ بكر أبو زيد ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

"فتاوى اللجنة الدائمة" (25/70).

ففي الحالة التي يستحب فيها التبرع بالدم: فيه ثواب عظيم، وفي الحالة التي يجب فيها فالثواب أعظم ، لأن ثواب الواجب أعظم من ثواب النافلة .

فتبين بهذا أن التبرع بالدم فيه ثواب عظيم، وهو نوع من أنواع الصدقات.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب