الحمد لله.
أولا:
إذا امتنع الأب من تزويج ابنته من الكفء الذي رضيت به، ولم يبد سببا معقولا، كان عاضلا لها، وتنتقل الولاية إلى من بعده من الأولياء، فإن امتنعوا جميعا، كانت الولاية للقاضي المسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: السلطان ولي من لا ولي له رواه أحمد (24417)، وأبو داود (2083)، والترمذي (1102)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2709
قال ابن قدامة رحمه الله: " ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار: زوجت أختا لي من رجل، فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتُك، وأفرشتك، وأكرمتك، فطلقتها ثم جئت تخطبها! لا والله لا تعود إليك أبدا. وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية: (فلا تعضلوهن) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله. قال: فزوجها إياه. رواه البخاري.
وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لهم منعها من التزويج بدون مهر مثلها ...
فإن رغبت في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلا لها.
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلا لها " انتهى من "المغني" (9/ 383).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأولى فالأولى ، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب ، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي ، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي ، ويجب عليه إن وصلت القضية إليه وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها أن يزوجها لأن له ولاية عامة ما دامت لم تحصل الولاية الخاصة" انتهى ، نقلا عن "فتاوى إسلامية" (3/148).
ثانيا:
ليس للولي الأبعد أن يزوج مع وجود الولي الأقرب، وإمكان حضوره أو توكيله.
وامتناع أخ المرأة من تزويجها له وجه فلا يكون عاضلا، ولا تنتقل الولاية لمن بعده.
ووجه امتناعه ظاهر، وهو ألا يخالف مذهب البلد، وألا يتجاوز الفتوى المعمول بها فيه. وإن كان الصواب: أن التوثيق واجب، لكن يصح العقد بدونه.
قال في "مطالب أولي النهى" (5/67): "(أو) زوجها ولي (أبعد، بلا عذر للأقرب) إليها منه: (لم يصح)، ولو أجازه الأقرب" انتهى.
وعليه؛ فإذا أردت الزواج من هذه المرأة فلترفع أمرها للقضاء الشرعي في بلدها.
والله أعلم.
تعليق