الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

ما صحة الحديث الوارد فيه عبارة: ( السلام عليك وعلى أمك ).

394447

تاريخ النشر : 31-01-2023

المشاهدات : 3946

السؤال

ما هي درجة حديث (السلام عليك وعلى أمك)؟ وهل يفهم منه جواز التقليل من شأن الشخص ووالديه إذا أساء الأدب؟

ملخص الجواب

 الحديث الوارد فيه عبارة: ( السلام عليك وعلى أمك ) إسناده ضعيف، للاضطراب والاختلاف في سنده، ولجهالة بعض رواته. وعلى فرض صحة هذا الخبر، فليس فيه التقليل من المخطئ أو من والديه. فعبارة: (عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ)، ليس فيها سوء أدب مع هذا الرجل، وليس فيها إساءة لأمه. وإنما فيها إشارة إلى أنه كما لا يليق رد السلام بهذه الطريقة لعدم وجود مناسبة، فكذلك لا يليق السلام عند العطاس لانعدام المناسبة بينهما.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

هذا الحديث رواه أبو داود (5031) والترمذي (2740) وغيرهما:

عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ: " أَنَّهُ كَانَ مَعَ القَوْمِ فِي سَفَرٍ فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ: عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ، فَكَأَنَّ الرَّجُلَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَقُلْ إِلَّا مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ، إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَلْيَقُلْ لَهُ مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلْيَقُلْ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ).

وهذا الإسناد ضعيف لأمرين:

الأمر الأول: لأن هِلَال بْن يَسَافٍ لم يسمع سَالِم بْن عُبَيْدٍ.

قال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري رحمه الله تعالى:

" هلال بن يساف لم يدرك سالم بن عبيد، ولم يره ؛ وبينهما رجل مجهول" انتهى من"المستدرك" (4/267).

الثاني: أنه حدث اختلاف كبير في رواية هذا الخبر عن منصور.

قال الترمذي رحمه الله تعالى عقب روايته للحديث:

" هَذَا حَدِيثٌ اخْتَلَفُوا فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَنْصُورٍ، وَقَدْ أَدْخَلُوا بَيْنَ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ وَسَالِمٍ رَجُلًا " انتهى.

وقال النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص241):

" ذكر الاختلاف على منصور بن المعتمر في حديث سالم بن عبيد في ذلك " انتهى.

ثم ساق أوجه الاختلاف والاضطراب في إسناده.

ففي بعض طرقه كما سبق في رواية أبي داود والترمذي:

عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ.

وهذا ليس بصحيح، للانقطاع بين هلال وسالم كما سبق.

وفي بعض طرقه: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْفَجَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ.

كما عند أبي داود(5032).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" خالد ابن عرفجة، صوابه ابن عرفطة، يروي عن سالم بن عبيد: مقبول " انتهى من"تقريب التهذيب" (ص189).

ووقع في كلام أبي حاتم الرازي ما يشير إلى أن خالدا هذا مجهول.

قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:

" خالد بن عرفطة روى عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير روى أبان بن يزيد العطار عن قتادة عنه.

سألت أبي عنه فقال: هو مجهول لا أعرف أحدا يقال خالد بن عرفطة إلا واحدا الذي له صحبة " انتهى من"الجرح والتعديل" (3/340).

وفي بعض طرقه: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عن رجل، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ.

كما عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص242).

وفي بعض طرقه: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عن رجل، عن رجل آخر، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ.

كما عند الإمام أحمد في "المسند" (39/273)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص242)، وقال:

" وهذا الصّواب عندنا، والأول خطأ، والله أعلم " انتهى.

فالحاصل؛ هو أن هذا الحديث إسناده ضعيف، للاضطراب والاختلاف في سنده، ولجهالة بعض رواته.

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" فالإسناد ضعيف لانقطاعه، أو لجهالة الواسطة بينهما " انتهى. "إرواء الغليل" (3/247).

وقال محققو المسند:

"إسناده ضعيف لإبهام رجلين فيه، ولاضطرابه " انتهى من "المسند" (39/273).

قال الإمام البخاري في كتابه المطبوع باسم "التاريخ الصغير" (2/ 212-213):

" والصحيح في ذا الباب: ما حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ للَّهِ، فَإِذَا قَالَ الْحَمْدُ للَّهِ، فَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلْيَقُلْ هُوَ: يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ) " انتهى.

ثانيا:

على فرض صحة هذا الخبر، فليس فيه التقليل من المخطئ أو من والديه.

فعبارة: (عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ)، ليس فيها سوء أدب مع هذا الرجل، وليس فيها إساءة لأمه.

وإنما فيها إشارة إلى أنه كما لا يليق رد السلام بهذه الطريقة لعدم وجود مناسبة، فكذلك لا يليق السلام عند العطاس لانعدام المناسبة بينهما.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" وفي السلام على أم هذا المسلّم: نكتة لطيفة، وهي: إشعاره بأن سلامه قد وقع في غير موقعه اللائق به، كما وقع هذا السلام على أمّه، فكما أن سلامه هذا في غير موضعه، كذلك سلامه هو.

ونكتة أخرى ألطف منها، وهي تذكيره بأمه، ونسبه إليها، فكأنه أمي محض منسوب إلى الأم، باق على تربيتها لم تربه الرجال، وهذا أحد الأقوال في الأمي، أنه الباقي على نسبته إلى الأم" انتهى من "زاد المعاد" (2/ 399-400).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب