الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

حكم بيع البضائع المحرمة الباقية بعد الإسلام والتوبة

395015

تاريخ النشر : 22-11-2022

المشاهدات : 3303

السؤال

رجل أسلم، وكان له دكان يبيع فيه ألعابا للأطفال، وفيه سيارات، وكتب لا بأس بها إن شاء الله تعالى، ومع ذلك هناك ألعاب على صورة ذوات الأرواح، وسيارات تخرج الموسيقى، وألعاب في هيئة بعض الأشخاص من الكرتونيات الشركية، من المفهوم أنه لا يستمر في التجارة، ولكن هل له أن يبيعها، ولو بثمن رخيص؛ لأن لها ثمن كبير؟ وأن يتلفها يحصل على خسارة كبيرة في حالته المادية، وربما سيدخل في الديون؟

الجواب

الحمد لله.

نحمد الله تعالى أن هداه للإسلام، ونسأله له التوفيق والثبات.

ولا يجوز بيع المحرمات، ولو كان عدم بيعها يؤدي إلى الخسارة، أو تحمل الديون.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(42564)، ورقم:(40651). 

وما سألت عنه فيه تفصيل:

1-أما بيع الألعاب التي على صورة ذوات الأرواح، فلا حرج في بيعها إذا كانت للصغار؛ لثبوت الرخصة في لعب البنات كما في حديث عائشة رضي الله عنها.

روى أبو داود (4932) عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: "قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ أو خيبر، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّت رِيحٌ، فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ، لُعَب. فَقَالَ: مَا هَذا يَا عَائِشَةُ؟ قَالَت: بَنَاتِي. وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَه جَنَاحَانِ مِن رِقَاعٍ. فَقَال: مَا هَذَا الذِي أَرَى وَسطَهن؟ قَالت: فَرَسٌ. قَالَ: وَمَا هَذا الذي عَليه؟ قَالَت: جَنَاحَانِ. قَالَ: فَرَسٌ لَه جَناحانِ؟! قَالَت: أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟! قَالَت: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه" وصححه العراقي في " تخريج الإحياء " (2/ 344) والألباني في "صحيح أبو داود".

وروى البخاري (6130)، ومسلم (2440) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي".

ولمسلم: "كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فِي بَيْتِهِ، وَهُنَّ اللُّعَبُ".

قالَ الحافظُ ابنُ حجر رحمه الله: " استُدلَّ بهذا الحديثِ على جوازِ اتخاذِ صورِ البناتِ واللعب، من أجلِ لَعِبِ البناتِ بهن، وخُصَّ ذلك من عمومِ النهي عن اتخاذِ الصور، وبه جزمَ عياضٌ، ونقله عن الجمهورِ، وأنهم أجازوا بيعَ اللعبِ للبناتِ لتدريبهن من صغرِهن على أمرِ بيوتهِن وأولادهن" انتهى من "فتح الباري" (10/527).

ومثل ذلك: لو كانت الصورة ناقصة، أي قطع منها ما لا تبقى معه الحياة؛ لأنها حينئذ لا يتعلق بها التحريم.

قال ابن قدامة رحمه الله: "فإن قطع رأس الصورة, ذهبت الكراهة. قال ابن عباس: الصورة الرأس , فإذا قطع الرأس فليس بصورة. وحكي ذلك عن عكرمة. وقد روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل، فقال: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي على الباب فيقطع، فيصير كهيئة الشجر، ومر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان يوطآن، ومر بالكلب فليخرج. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإن قطع منه ما لا يبقي الحيوان بعد ذهابه، كصدره أو بطنه، أو جعل له رأس منفصل عن بدنه، لم يدخل تحت النهي، لأن الصورة لا تبقي بعد ذهابه، فهو كقطع الرأس.

وإن كان الذاهب يبقي الحيوان بعده، كالعين واليد والرجل، فهو صورة داخلة تحت النهي.

وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس، وسائر بدنه صورة غير حيوان: لم يدخل في النهي؛ لأن ذلك ليس بصورة حيوان " انتهى من "المغني" (7/216).

وأما بيعها ليلعب بها الكبار، فلا يجوز إذا كانت الصورة كاملة.

2-لا يجوز بيع ما اشتمل على الموسيقى، لحرمة سماع الموسيقى. وينظر: جواب السؤال رقم:(555). 

فإن أمكن تعطيل الموسيقى منها: جاز بيعها.

3-لا يجوز بيع الألعاب التي على هيئة بعض الأشخاص من الكرتونيات الشركية؛ لأن هذا منكر يجب إتلافه، لا بيعه.

والمخرج فيما حرم بيعه: أن يرده على بائعه الأول، لعدم صحة بيع المحرم، فإن أمكن ذلك، ولو بترك بعض الثمن، فهو حسن.

ولأن الإقالة فسخ للبيع القديم، وإزالة لآثاره، وليست بيعا جديدا، عند كثير من أهل العلم، أو أكثرهم.

وإلا؛ فلا يجوز بيع المحرم إلا مع إتلاف هيئته المحرمة، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب