الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز الحجر على الأب الذي لا يعدل بين أولاده؟

396534

تاريخ النشر : 15-12-2022

المشاهدات : 7461

السؤال

والدي يبلغ من العمر ٩٢ عاما، وقبل سنة ونصف باع بيتا له بمبلغ كبير من المال، ونحن ٣ أخوه غير شقائق، ولدي أخت واحدة شقيقة، والوالد ـ هداه الله تعالى ـ تبرأ من أخي الأكبر؛ لأنه حاول أن يحجر عليه، و أعطاني أنا قليلا جدا من المال، وللعلم إنني فقير معدم، ومتزوج، ولدي ٥ أبناء، وقد أبعدني عنه وأنا صغير، ولكنه أعطى أختي حقها وأكثر، مع العلم إنها غير محتاجة، كما إنه اشترى لأخي الأصغر شقة في القاهرة، مع إنه أيضا غير محتاج، وكتب الشقة التي يمكث فيها باسم زوجته، ووالدي ظالم لي منذ الصغر؛ لكراهيته لوالدتي المطلقة منه، ولقد حاولت بكل الطرق، ووسطت ناس حتي ينظر لي بعين العطف، وأن لا يحرمني من كل شيء لكن لا حياة لمن تنادي، وسافرت إليه، واتصلت به راجيا أن نجلس ونتكلم، ولكنه رفض، وتهرب مني، ولقد نفذت مني كل الطرق. فهل يجوز أن أحجر عليه؛ حتي لا يضيع ما تبقي معه من مال، لأنه فعلا لا يريد أن أحصل منه علي شيء؟

الحمد لله.

أولا:

وجوب العدل بين الأولاد في العطية

الواجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ) رواه البخاري (2398)، ومسلم (3055).

وينظر السؤال رقم: (20064).

والعدل : أن يعطي الذكر ضعف الأنثى، لأنه لا أعدل من قسمة الله تعالى ، وهم يرثونه كذلك.

قَالَ شُرَيْحٌ لِرَجُلٍ قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ وَلَدِهِ : "اُرْدُدْهُمْ إلَى سِهَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَفَرَائِضِهِ".

وَقَالَ عَطَاءٌ : "مَا كَانُوا يُقَسِّمُونَ إلَّا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى".

انظر: "المغني" (8/259).

ثانيا:

مشروعية الحجر على السفيه

إذا كان الرجل البالغ سفيها في المال، بمعنى: أنه لا يحسن التصرف في المال، بل يبذره ويضيعه، فإنه يشرع الحجر عليه عند جمهور العلماء.

قال الإمام أحمد رحمه الله: "أَرَى أن يَحْجُرَ الابنُ على الأَبِ إذا أسْرَف، أو كان يضَعُ ماله في الفَسادِ، أو شِراءِ المُغَنِّياتِ" انتهى من "الإنصاف" (13/391).

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (4/194): "الْحَجْرُ عَلَى الْمُسْرِفِ:

الْمُسْرِفُ فِي الأْمْوَال يُعْتَبَرُ سَفِيهًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، لأِنَّهُ يُبَذِّرُ الأْمْوَال وَيُضَيِّعُهَا عَلَى خِلاَفِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَالْعَقْل، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى السَّفَهِ عِنْدَهُمْ.

وَلِهَذَا جَرَى عَلَى لِسَانِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ السَّفَهَ هُوَ التَّبْذِيرُ، وَالسَّفِيهُ هُوَ الْمُبَذِّرُ. 

وَعَلَى ذَلِكَ فَالإْسْرَافُ النَّاشِئُ عَنِ السَّفَهِ سَبَبٌ لِلْحَجْرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، وَهُوَ رَأْيُ الصَّاحِبَيْنِ: أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ" انتهى.

ثالثا:

من له الحق بالحجر على الرجل البالغ

لا يجوز الحجر على الرجل البالغ إلا بحكم القاضي. 

قال ابن قدامة رحمه الله:

"وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا الْحَاكِمُ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ... لأَنَّ التَّبْذِيرَ يَخْتَلِفُ، وَيُخْتَلَفُ فِيهِ ، وَيَحْتَاجُ إلَى الِاجْتِهَادِ، فَإِذَا افْتَقَرَ السَّبَبُ إلَى الِاجْتِهَادِ، لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ ... وَلِأَنَّهُ حَجْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، فَلَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ" انتهى من "المغني" (6/610).

والذي يظهر من تصرفات والدك أنها لا تسوِّغ الحجر عليه، لأن غاية ما في الأمر أنه لا يعدل بين أولاده في العطية، وهذا لا يعني أنه سفيه لا يحسن التصرف في المال، وأنه يضيعه.

ومع ذلك: فالأمر يرجع إلى القاضي، فلا حرج عليك أن ترفع الأمر إلى القضاء لينظر فيه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة