الحمد لله.
لفظ "اللورد" يطلق ويراد به: "الرب"، وكذا "السيد"، و"المالك" بحسب سياق الاستعمال.
وفي السياق المذكور في السؤال فالعرف جار بأنه بمعنى: السيّد.
وإطلاق وصف "السيّد" على المسلم ، صاحب المكانة في قومه : لا حرج فيه ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (12625)، ورقم: (149820).
ولكن: يشترط في المباحات أن لا يكون الباعث عليها أمرا محرما، وألا يصحبها أمر محرم.
فالمباحات من اللباس والأكل ينهى عنها إذا كانت على وجه الكبر والخيلاء.
عَنْ عبد الله بن عمرو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلَا مَخِيلَةٍ ) رواه النسائي (2559)، وابن ماجه (3605)، وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/504).
ورواه البخاري معلقا مجزوما به، حيث قال رحمه الله تعالى:
" وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ )، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ، وَالبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ ".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" والْمَخِيلَةُ بوزن عظيمة: وهي بمعنى الخيلاء وهو التكبر.
وقال ابن التين: هي بوزن مفعلة، من: اختال، إذا تكبر، قال والْخُيَلَاءُ... التكبر.
وقال الراغب: الخيلاء التكبر، ينشأ عن فضيلة يتراءاها الإنسان من نفسه...
قال الموفق عبد اللطيف البغدادي: هذا الحديث جامع لفضائل تدبير الإنسان نفسه، وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة، فإن السرف في كل شيء يضر بالجسد ، ويضر بالمعيشة فيؤدي إلى الإتلاف ، ويضر بالنفس إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال، والمخيلة تضر بالنفس حيث تكسبها العجب ، وتضر بالآخرة حيث تكسب الإثم، وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس " انتهى من "فتح الباري" (10/253).
وكذا ينهى عنها إذا كانت طلبا للشهرة ، والعلو في الأرض.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا، أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ نَارًا ) رواه أبو داود (4029) وابن ماجه (3607)، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2 / 480).
وراجع للأهمية جواب السؤال رقم: (177655).
وكذا ينهى عن محبة الإنسان أن يعظَّم ، وأن يُقام له.
فقد روى أحمد (16830)، وأبو داود (5229)، والترمذي (2755) عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عَامِرٍ فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ وَجَلَسَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَامِرٍ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) وصححه الألباني.
وعليه؛ فلا حرج في محبة هذا الرجل لأن يدعى (لورد)؛ إذا سلم من الخيلاء والتكبر، وإرادة العلو في الأرض.
فإن خشي على نفسه شيئا من ذلك، فلينأ بنفسه عن هذا اللقب، ولينكره على من دعاه به.
والله أعلم.
تعليق