الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

يعطي مركز التبرع بالدم للمتبرع طعاما عند تبرعه، فما حكم هذا؟

398104

تاريخ النشر : 05-02-2023

المشاهدات : 3318

السؤال

أنا أعيش في روسيا، لدينا مركز لنقل الدم في المدينة، في هذا المركز، قبل التبرع بالدم، يقدمون الشاي الحلو مع البسكويت؛ لأن هذا موصى به من قبل الأطباء بعد التبرع بالدم، تحتاج إلى زيارة مكتب الدفع النقدي وأن يُدفَعَ لك المال، ومع ذلك ، فإن دفع الأموال من قبل الدولة يفسر حقيقة أنها كانت ملزمة بتزويد المتبرع بوجبة كاملة، ومع ذلك بسبب نقص في مثل هذه الفرصة، يدفعون مكافآت بالمبلغ الذي تحدده الدولة لتناول طعام الغداء. السؤال الأول: هل يمكن شرب الشاي قبل التبرع بالدم في هذه المؤسسة، ألا يدخل في فئة بيع الدم؟ السؤال الثاني: هل يمكن أخذ المال ليس لبيع الدم، ولكن كبديل عن الطعام، وهو ما يجب أن توفره الدولة؟ السؤال الثالث: إذا كنت لا تستطيع أخذ نقود، فهل من الممكن أن ترسل هذه الأموال للفقراء، لأنني أريد أن أساعد المسلمين بدون نقود بالتبرع بالدم؟

ملخص الجواب

لا حرج على المتبرع في شرب الشاي أو أخذ الطعام، فإن لم يوجد طعام فلا حرج عليه في أخذ قيمته، لأن من مصارف أموال الدولة : أن يُعطى منها مكافآت لمن قام بعمل نافع، وينبغي له في هذه الحالة أن يشتري به طعاما ليأكله ، وإذا أراد التصدق به فهو خير، له ثواب الصدقة، وثواب التبرع بالدم.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

سبق بيان جواز التبرع بالدم لمن هو في حاجة إليه، وهذا في جواب السؤال رقم: (2320).

ثانيا:

وأما بيع الدم فهو محرم.

لقول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ... المائدة/3.

والشيء إذا حرّم حرّم بيعه وأخذ ثمنه.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، ثَلَاثًا، إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ رواه الإمام أحمد في "المسند" (4/95) وأبو داود (3488)، وصححه محققو المسند.

قال ابن رشد رحمه الله تعالى:

" فأما ما لا يصح ملكه، فلا يجوز بيعه بإجماع، كالحر والخمر والخنزير والقرد والدم والميتة وما أشبه ذلك " انتهى من "المقدمات الممهدات" (2 / 62).

وروى البخاري (2238) عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" والمراد تحريم بيع الدم، كما حرم بيع الميتة والخنزير، وهو حرام إجماعا . أعني : بيع الدم وأخذ ثمنه " انتهى من "فتح الباري" (4/427).

وقال ابن المنذر رحمه الله تعالى:

" تحريم ثمن الدم والخنزير.

قال الله جل ثناؤه: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ  الآية.

وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم.

وأجمع أهل العلم على القول به " انتهى من "الإشراف" (6/12).

وثمن البيع إنما يكون في عقود المعاوضة والمبادلة.

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (9 / 5 - 6):

" البيع لغة مصدر باع، وهو: مبادلة مال بمال، أو بعبارة أخرى في بعض الكتب: مقابلة شيء بشيء، أو دفع عوض وأخذ ما عوض عنه" انتهى.

ثالثا:

ما وصفته من صفة التبرع بالدم، لا تتحقق فيه صفة البيع، فليس فيه قصد المقابلة ولا المعاوضة والمبادلة.

وما تعطيه الجهة الحكومية المختصة من طعام ومال، فهو بقصد الإرفاق والإحسان ودفع الضرر عن المتبرع؛ فهو إجراء من إجراءات التبرع، فإذا لم يقصد المتبرع البيع، وإنما قصد الإحسان إلى المحتاج، ولم تقصد الجهة المتبرع لها الشراء، ولم يتم تحديد العلاقة بين الطرفين بناء على عقد البيع، وما يكون فيه: فلا حرج حينئذ، لأن القصد له تأثير في المعاملة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" إذا قال قائل: ما الذي أخرج القرض عن البيع، وهو مبادلة مال بمال؟

قلنا: أخرجه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)،

وذلك أن المقرض والمستقرض لم ينو أحد منهما المعاوضة، إنما قصد المقرض الإرفاق ، وقصد المستقرض سد حاجته، ولهذا صار القرض ليس بيعا، وقد سبق أننا لو جعلنا القرض بيعا لبطل القرض في جميع الربويات بجنسها" انتهى من "الشرح الممتع" (8/100).

وهذا فضلا عن ظاهر الحال، وما يقوم عليه عقد المعاوضة والبيع من المشاحة بين الطرفين، وطلب طرف لحظه.

وأما من ذهب قاصدا الحصول على المال ، فهذا هو الذي قد باع دمه ، وهو محرم بدلالة السنة وإجماع  العلماء كما سبق.

وجاء في قرارات "المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي":

" أما حكم أخذ العوض عن الدم، وبعبارة أخرى: بيع الدم؛ فقد رأى المجلس أنه لا يجوز؛ لأنه من المحرمات المنصوص عليها في القرآن الكريم مع الميتة ولحم الخنزير، فلا يجوز بيعه وأخذ عوض عنه، وقد صح في الحديث: ( إن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه )، كما صح أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الدم.

ويستثنى من ذلك حالات الضرورة إليه للأغراض الطبية ولا يوجد من يتبرع به إلا بعوض، فإن الضرورات تبيح المحظورات بقدر ما ترفع الضرورة، وعندئذ يحل للمشتري دفع العوض ويكون الإثم على الآخذ.

ولا مانع من إعطاء المال على سبيل الهبة أو المكافأة، تشجيعا على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري؛ لأنه يكون من باب التبرعات لا من باب المعاوضات " انتهى من "قرارات المجمع الفقهي الإسلامي" (ص 253 - 254).

وبناء  على هذا، فلا حرج على المتبرع في شرب الشاي أو أخذ الطعام، فإن لم يوجد طعام فلا حرج عليه في أخذ قيمته، لأن من مصارف أموال الدولة : أن يُعطى منها مكافآت لمن قام بعمل نافع، وينبغي له في هذه الحالة أن يشتري به طعاما ليأكله ، وإذا أراد التصدق به فهو خير، له ثواب الصدقة، وثواب التبرع بالدم .

والله أعلم.

الاحالات

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة