الثلاثاء 23 صفر 1446 - 27 اغسطس 2024
العربية

هل يكفر من يسمي نفسه ساحرا؟

399089

تاريخ النشر : 12-04-2023

المشاهدات : 2330

السؤال

هل يكفر من يسمي نفسه ساحرا أو يطلق هذا اللقب على نفسه دون أن يقصد حقيقة السحر؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يكفر من لقب نفسه بـ "الساحر" ما دام لم يقصد حقيقة السحر ، لأن المقصود بهذا التشبيه أنه قوي التأثير أو يفعل الأشياء العجيبة ، كالساحر .

وقد ورد في السنة النبوية أن الفصاحة تسمى سحرًا ، وذلك لأنها تؤثر في نفوس السامعين تأثيرا قويا ، فتكون شبيهة بالسحر .

روى البخاري (5767) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ المَشْرِقِ فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا، أَوْ: إِنَّ بَعْضَ البَيَانِ لَسِحْرٌ ).

قال ابن بطال رحمه الله في شرحه على البخاري (9/ 448) : "ومعنى ذلك : أنه يعمل في استمالة النفوس ما يعمل السحر من استهوائها، فهو سحر على معنى التشبيه، لا أنه السحر الذي هو الباطل الحرام، والله أعلم" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ووجه كون البيان سحرا: أنه يأخذ بلب السامع، فيصرفه أو يعطفه، فيظن السامع أن الباطل حق لقوة تأثير المتكلم، فينصرف إليه، ولهذا إذا أتى إنسان يتكلم بكلام معناه باطل، لكن لقوة فصاحته وبيانه يسحر السامع حقا، فينصرف إليه، وإذا تكلم إنسان بليغ يحذر من حق، ولفصاحته وبيانه يظن السامع أن هذا الحق باطل، فينصرف عنه، وهذا من جنس السحر الذي يسمونه العطف والصرف، والبيان يحصل به عطف وصرف; فالبيان في الحقيقة بمعنى الفصاحة، ولا شك أنها تفعل فعل السحر، وابن القيم يقول عن الحور: حديثها السحر الحلال" انتهى من "القول المفيد" (1/ 527).

ثانيا:

ليس معنى أن من تسمى بـ"الساحر" لا يكفر ؛ أنه يجوز للمرء أن يتسمى بذلك، أو يلقب نفسه به، أو يلقبه الناس، ويقره ، هكذا من غير قرينة تدل على المراد: أنه ساحر في قوله، أو ساحر في لعبه، أو نحو ذلك ؛ فإن اسم "الساحر" من الأسماء المذمومة في الشريعة، ولا يورد إلا مورد الذم، والتقبيح لحاله وفعاله؛ فلا يجوز لمسلم أن يتشبه بهؤلاء الفجرة في أسمائهم، ولا أن يقلدهم في أفعالهم. وبئس ما يختار المرء لنفسه أن يتلقب بلقب هؤلاء الشياطين، ويدع ألقاب الخير، وأسماء المدح التي يحبها الله ورسوله، ويحبها الصالحون من عباد الله. قال الله تعالى: ( بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ) الحجرات/11

ومن المستقر في أدب الشريعة: أن تغير الأسماء القبيحة إلى أسماء حسنة.

فقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَيِّرُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ إلى الحسن . رواه الترمذي (2839) وغيره ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (207) ..

وروى مسلم (2139) عَنِ ابْنِ عُمَرَ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ ، وَقَالَ: (أَنْتِ جَمِيلَةُ) " .

قال النووي رحمه الله :

" السنة تغيير الاسم القبيح " انتهى من "المجموع" (8/418)

وقال ابن القيم رحمه الله :

" وهذا باب عجيب من أبواب الدين : وهو العدول عن الاسم الذي تستقبحه العقول وتنفر منه النفوس ، إلى الاسم الذي هو أحسن منه ، والنفوس إليه أميل ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك " انتهى ."تحفة المودود بأحكام المولود" (ص 52-53).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (147252)، ورقم: (228745). 

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب