الحمد لله.
هذا الدعاء لم يرد في نص من نصوص الوحي منسوبا إلى الخضر عليه السلام.
وإنما تروى حكايات بلا أسانيد، معتمدة أن أحد رجال الخليفة المنصور علّمه رجل هذا الدعاء فلما أخبر به المنصور، قال له ذلك الخضر عليه السلام، وهو في قصة طويلة بلا إسناد، ساقها الغزالي في "إحياء علوم الدين" (2/ 351—353) وغيره.
ومثل هذا لا يصح؛ لعدم وجود اسناد صحيح له، ولو صح الإسناد إلى صاحب القصة، فمن أين للمنصور أن يعلم بأنه الخضر عليه السلام؟!
ثم إن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الخضر عليه السلام قد توفي قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وليس هو في هذه الدنيا، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (20505).
وليس في هذا الدعاء المذكور ما يستنكر من حيث المعنى، فمن شاء أن يدعو به في خاصة نفسه، من غير أن يجعله وردا ثابتا له ولا لغيره، ولا أن يعتقد له فضيلة خاصة: فلا حرج عليه.
وبكل حال؛ فالمفلح من اكتفى في تعبده بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ففيه الكفاية والفلاح.
قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا الأحزاب/21.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
"هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله... " انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/391).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف، والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان ..." انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/ 510–511).
والله أعلم.
تعليق