الحمد لله.
أولا:
إذا كانت المؤسسة قد صرفت المال لغير الأصناف الثمانية التي بينها الله تعالى، كأن وضعتها في تجهيزات للجمعية مثلا، أو أعطتها لأشخاص تعلم الجمعية أنهم ليسوا مستحقين للزكاة ، فإنه يلزمك إعادة إخراج الزكاة؛ لأنها لم تصل إلى مستحقيها. ولك الرجوع على الجمعية ومطالبتهم بضمان المال.
قال الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ التوبة/60.
ثانيا:
إذا أعطت المؤسسة المال لمن تظنه فقيرا، فبان أنه غني غير مستحق للزكاة، ففي ذلك خلاف بين الفقهاء، فذهب المالكية والشافعية إلى أنها لا تجزئ، وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنها تجزئ، وهو الراجح.
ويدل على ذلك: ما رواه البخاري (1421)، ومسلم (1022) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ ..... وفيه، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ! عَلَى غَنِيٍّ ! ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ : أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ ، ولعل الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ.
ولأن حقيقة الفقر قد تخفى ، فاكتفى فيه بغلبة ظن دافع الزكاة ، قال الله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ البقرة/273 .
قال البهوتي في "كشاف القناع" (2/296): " فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ يَظُنُّهُ فَقِيرًا، فَبَانَ غَنِيًّا: أَجْزَأَتْ" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/265): " إذا دفعها إلى من يظن أنه أهلٌ، بعد التحري، فبان أنه غير أهل: فإنها تجزئه ؛ لأنه اتقى الله ما استطاع ، قال تعالى ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) البقرة/286.
والعبرة في العبادات بما في ظن المكلف، بخلاف المعاملات فالعبرة بما في نفس الأمر " انتهى بتصرف.
والله أعلم.
تعليق