الحمد لله.
إذا اتفقت مع الورثة على التصدق بالمال عن أبيكم، وكانوا بالغين راشدين، وأخذت المال ثم نسيته وضاع، فإن كنت فرطت في حفظه فأنت ضامن له إلا أن يعفوا عنك.
وإن لم تفرط في حفظه، بل وضعته في صندوق، أو خزانة، كما يحفظ الناس أموالهم، فلا شيء عليك، وذلك أنك وكيل عنهم، والوكيل يده يد أمانة فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
وعليه فلا تضمن إلا في حالتين:
الأولى: أن يكون في الورثة غير بالغ أو سفيه، فترد إليه نصيبه، لأنه لا يصح للولي إخراج صدقة من مالهما.
وفي "الموسوعة الفقهية" (45/162): " لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: (لا ضرر ولا ضرار) .
وقد فرعوا على ذلك: أن ما لا حظ للمحجور فيه، كالهبة بغير العوض، والوصية والصدقة والعتق، والمحاباة في المعاوضة: لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به، أو ما زاد في النفقة على المعروف، أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض فكان ضررا محضا" انتهى.
الثانية: أن تكون فرطت في حفظ المال، كأن وضعته مكشوفا، أو في شيء لا تُحفظ فيها الأموال عادة.
قال في "كشاف القناع" (3/384): " (والوكيل أمين، لا ضمان عليه فيما تلف في يده، من ثمن ومثمن وغيرهما، بغير تفريط ولا تعد)؛ لأنه نائب المالك في اليد والتصرف؛ فكان الهلاك في يده، كالهلاك في يد المالك؛ كالمودع. (سواء كان بجعل أم لا)" انتهى.
والذي يظهر: أن من التفريط الذي تضمن به: تأخرك في إخراج الصدقة، وترك المال عندك المال كل هذه المدة، من غير سبب مقبول لذلك التأخر، فسرق من عندك.
وعدم إدراكك لمكان المال، بل وبحثك عنه عند الوالدة، وهو في بيتك: دليل قلة عنايتك به، وإهمال أمره، حتى نسيته، أو نسيت مكانه!!
والحاصل:
أنك تضمن بالتفريط، إلا إن عفى عنك الورثة البالغون الراشدون.
والله أعلم.
تعليق