الحمد لله.
هذا الخبر ذكره محب الدين الطبري في كتابه "الرياض النضرة في مناقب العشرة"، حيث قال:
" عن ربيعة بن كعب قال: كان إسلام أبي بكر شبيها بالوحي من السماء، وذلك أنه كان تاجرا بالشام فرأى رؤيا فقصها على بحيرا الراهب.
فقال له: من أين أنت؟
فقال: من مكة.
فقال: من أيها؟
قال: من قريش.
قال: فأي شيء أنت؟
قال: تاجر .
قال: إن صدق الله رؤياك، فإنه يبعث نبي من قومك، تكون وزيرَه في حياته، وخليفته من بعد وفاته.
فأسرّ ذلك أبو بكر في نفسه، حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءه فقال: يا محمد ما الدليل على ما تدعي؟
قال: الرؤيا التي رأيت بالشام.
فعانقه وقبل بين عينيه، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.
قال أبو بكر: وما بين لابتيها أشد من سرور رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامي.
خرجه الفضائلي " انتهى من "الرياض النضرة" (ص 83 - 84).
ومحب الدين الطبري نهجه في كتابه هذا "الرياض النضرة في مناقب العشرة"؛ أنه جمع فيه أخبارا من مصنفات كثيرة، سمّاها في مقدمة كتابه، ومن ضمن ذلك كتاب الفضائلي الذي نقل منه هذا الخبر، وهو: " نزهة الأبصار لأبي عبد الله محمد بن محمد الفضائلي الرازي ".
والمصنف هنا لم ينقل من كتاب الفضائلي سند الخبر، ولم نقف له على ذكر، فإسناد الخبر مجهول.
ومحب الدين الطبري لا يلتزم بنقل الصحيح من الأخبار، بل ينقل المقبول والمردود من غير تنبيه.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" محب الدين أبو العباس الطبري المكي الشافعي:
مصنف الأحكام المبسوطة أجاد فيها، وأكثر وأطنب، وجمع الصحيح والحسن، ولكن ربما أورد الأحاديث الضعيفة، ولا ينبه على ضعفها " انتهى من "طبقات الشافعيين" (1/939).
ثم في الخبر ما يستنكر، وهي عبارة: ( ما بين لابتيها )، فهذه العبارة لم تكن تقال عن مكة التي وقعت فيها هذه القصة، بل يقال عن مكة "بين أخشبيها"؛ وعبارة "بين لابتيها" كانت تقال عن المدينة؛ لأن اللابة: هي الحرة، وهي الأرض التي تغطيها أحجار بركانية سوداء، وهذه الأراضي تحيط بالمدينة من عدة جهات.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
" ويقول بعض من يتفاصح في مثل "بغداد" و "البصرة": "ما بين لابتيْها مثل فلان" وذلك خطأ. إنما ذاك في المدينة، لأنها بين لابتين، واللابة: الحَرَّة، وهي الأرض تركبُها حجارة سود " انتهى من "تقويم اللسان" (ص180).
وإنما بعد عصر النبوة اشتهر استعمالها مجازا في غيرها من البلدان.
وينظر جواب السؤال (442054)
والله أعلم.
تعليق