الحمد لله.
أولا :
الفرق بين شركتي المضاربة والعنان أن في المضاربة يكون المال من أحد الشريكين والعمل من الآخر ، وفي العنان يكون المال منهما ، والعمل منهما أو من أحدهما .
ينظر: الإنصاف (14 /9- 54) .
وهذا الفرق لا يترتب عليه اختلاف الحكم بالنسبة لضمان الشريك للمال الذي في يده، فإن الشريك أمين على ما في يده من المال، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (26/ 58): "اتفق الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة بالنسبة لمال الشركة، أيا كان نوعها. لأنه كالوديعة مال مقبوض بإذن مالكه، لا ليستوفي بدله، ولا يستوثق به.
والقاعدة في الأمانات أنها لا تضمن إلا بالتعدي أو التقصير، وإذن فما لم يتعد الشريك أو يقصر، فإنه لا يضمن حصة شريكه، ولو ضاع مال الشركة أو تلف، ويُصدّق بيمينه في مقدار الربح والخسارة، وضياع المال أو تلفه كلا أو بعضا، ودعوى دفعه إلى شريكه" انتهى.
ثانيا:
الشريك الهارب بالمال، لا شك أنه ضامن لما أخذ؛ لأنه متعد.
أما زيد فلا يضمن شيئا من أموال الناس، لا عمرو ولا غيره ؛ إلا إذا حصل منه تعد أو تفريط كما قدمنا.
ومن صور التفريط التي يضمن فيها:
1-إذا كان لم يخبر عمراً أن له شريكا له يد على مال الشركة، فهذا تفريط من زيد يوجب ضمانه فيما يظهر لنا؛ لأن عمرو لو علم بوجود هذا الشريك فقد لا يرضى بالشركة معه، أو لا يرضى بكونه يتسلط على المال وقد يذهب به؛ فإنه إذا كان قد استأمن زيدا، صديقه، ثقة به، لم يلزم أن يأتمن شريكه على ماله؛ فلا بد أن يكون على بينة من أمره.
2-إذا أخبر زيد صاحبه أن له شريكا، لكن اشترط على نفسه أنه ضامن لشريكه، في حال تعديه أو تفريطه؛ فيضمنه الآن.
قال في "منار السبيل" (2/ 514): " (ولا يصح ضمان غير المضمونة، كالوديعة ونحوها)، كالعين المؤجرة، ومال الشركة، لأنها غير مضمونة على صاحب اليد، فكذا على ضامنه؛ إلا أن يضمن التعدي فيها، فيصح في ظاهر كلام أحمد، لأنها مع التعدي مضمونة، كالغصب" انتهى.
3-إذا كتم خبر تعدي هذا الشريك على المال، على وجه منع عمراً أو غيره من الشركاء من القبض عليه، واستنقاذ أموالهم منه؛ فهذا الكتمان يعتبر تعديا وتفريطا.
فإذا لم يكن من زيد تفريط، فلا شيء عليه، ويطالب الجميع ذلك الهاربَ بما أخذ.
والله أعلم .
تعليق