الحمد لله.
أولا:
ما هي كفارة قتل الخطأ على الصبي؟
كفارة قتل الخطأ: عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين؛ لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً النساء/92.
وعمد الصبي- لو فرض أنه قتل عمدا- : له حكم الخطأ.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (7/159).
والجمهور على أن الصبي إذا قَتل تلزمه الكفارة.
فإن كان للصبي مال، أخذ من ماله فأعتق رقبة، فإن لم يكن له مال، أو لم توجد رقبة-كما هو الحال الآن-: فإن صام في صباه بعد سن التمييز أجزأه عند الشافعية.
وذهب المالكية إلى أنه يؤجل الصيام إلى البلوغ.
قال ابن قدامة في "المغني" (8/513): "وإذا قتل الصبي والمجنون، وجبت الكفارة في أموالهما" انتهى.
وقال في "أسنى المطالب" (4/95): " (ويعتق الولي عنهما من مالهما)، كما يخرج الزكاة عنهما منه. (فلو عدم) مالهما، (فصام الصبي) المميز عن كفارته: (أجزأه)، بناء على إجزاء قضائه الحج الذي أفسده" انتهى.
وقال الخرشي في "شرح مختصر خليل" (8/49):
"تجب في مال الصبي والمجنون، لأنها من خطاب الوضع، كالزكاة.
ولو أعسر كل [الصبي والمجنون]: فالظاهر أنه يُنتظر البلوغ والإفاقة، لأجل أن يصوما" انتهى.
والحاصل:
أنه ليس هناك من يلزم الصبي بالصوم قبل البلوغ؛ لكن من يوجب عليه الصيام؛ فإنه يرى أن الصيام لازم لذمته، لأنه أتى بالسبب الموجب له، وهو القتل، و"الأسباب" من الخطاب الوضعي، الذي وضعه الشارع علامة على ثبوت شيء، أو انتفائه، وليست من خطاب التكليف. وخطاب الوضع، لا يشترط له البلوغ.
فإذا ثبت الصيام في ذمته، وصامه قبل البلوغ؛ أجزأه، عند الشافعية، ومن وافقهم.
وأما غيرهم، فيرى أنه يتأجل صيامه إلى أن يبلغ.
ثانيا:
الخلاف في وجوب الكفارة على الصبي
من الفقهاء من ذهب إلى عدم وجوب الكفارة على الصبي أصلا، وهو مذهب الحنفية، وأفتت به اللجنة الدائمة.
قال الكاساني رحمه الله: "فلا تجب الكفارة على الكافر والمجنون والصبي، لأن الكفار غير مخاطبين بشرائع هي عبادات، والكفارة عبادة، والصبي والمجنون لا يخاطبان بالشرائع أصلا" انتهى من "بدائع الصنائع" (7/252).
وسئلت اللجنة الدائمة: " أحد جماعتي من عشيرتي الخاصة حصل عنده حادث، الذين توفوا ثمانية، خمسة رجال وثلاث نساء، هو المخطئ، طوف في الخط على سيارة أخرى فهجم على هذه العائلة وقضى الله عليهم، الديات دفعت وباقي حق الله، هو صغير السن، وأيضا لا يحسن السياقة، وقد حاولت أن يصوم، ولكن هنا عدد كثير، أحببت عرض أمره عليكم، حيث أمرني بالسؤال.".
فأجابت: إن كان المذكور بالغا عاقلا وقت الحادث: فعليه الكفارة عن كل قتيل عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.
وأما إن كان وقت الحادث لم يبلغ الحلم، فليس عليه كفارة، في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ.
ويحصل البلوغ في حق الذكر بإكماله خمس عشرة سنة، أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، أو بإنزال المني عن شهوة، وتزيد المرأة أمرا رابعا وهو الحيض. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز، عبد الرزاق عفيفي، عبد الله بن قعود" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/333).
والله أعلم.
تعليق