الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

لماذا البلاء والفتن في الأزمنة المتأخرة أكثر؟

413342

تاريخ النشر : 13-04-2023

المشاهدات : 4523

السؤال

تأتيني أفكار أن من المفترض أن هذه الفتن في زماننا تكون عند الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنهم هم أقوى إيمانا، وأشد ثباتا، ونحن لا نستطيع الثبات أمام الفتن؛ لأننا ضعاف النفوس، خاصة المسيح الدجال الذي يكون في آخر الزمان، فكيف نرد على هذه الأفكار؟

الجواب

الحمد لله.

أخبر الله تعالى أنه يبتلي عباده بالخير والشر، فقال: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) الأنبياء/35.

وأخبر صلى الله عليه وسلم أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون، كما روى أحمد (1555) عن  سَعْد قال: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: (الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ، فَالْأَمْثَلُ، حَتَّى يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ، ذَاكَ فَإِنْ كَانَ صُلْبَ الدِّينِ ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ ذَاكَ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ ذَاكَ).

قَالَ: (فَمَا تَبْرَحُ الْبَلايَا عَنِ الْعَبْدِ، حَتَّى يَمْشِيَ فِي الْأَرْضِ - يَعْنِي - وَمَا إِنْ عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ) وحسنه محققو المسند.

والصحابة رضي عنهم تعرضوا لأنواع من الابتلاءات ، لكن كان معهم النبي صلى الله عليه وسلم ينصرهم ويعينهم ويثبتهم، وأما من بعدهم فلا يجدون هذا المعين، ولهذا كان أجر الصابر الثابت منهم على الدين عظيما.

عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ: قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟! قَالَ : بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ).

رواه الترمذي (3058)، وأبو داود (4341)، والترمذي (3058)، وابن ماجه (4014)، وابن حبان (385).

وجميع طرق الحديث لا تخلو من ضعف، إلا أن بعض أهل العلم ذهب إلى تحسين الحديث لكثرة طرقه وشواهده، فقد قال الترمذي في حديث أبي ثعلبة هذا: حديث حسن غريب، وصححه أيضا بمجموع طرقه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (494).

وينظر: جواب السؤال رقم: (3374). 

وعليه ؛ فإن شدة الابتلاء في الأزمنة المتأخرة ، مع قلة الأعوان : يقابلها كثرة الأجر.

وقد بوب ابن حبان في صحيحه على الحديث: "ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْعَامِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، أَجْرَ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ".

وقال الشيخ كمال الدِّين الزملكاني رحمه الله: " فإن قيل : كيف يجمع بين هذا الحديث، وبين قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)؟

قلنا: هذا لا يمنع تفضيل الأوَّلين على هؤلاء؛ لأنَّ غاية ما في هذا: أنَّ هؤلاء الأخيرين يعملون على [مشقة] شديدة، إذ القابض على دينه كالقابض على الجمر، فيضاعف ثواب العامل منهم على عمله، لقلة من يعمل ذلك العمل؛ ولا يلزم من ذلك أفضليته على من تقدَّم، بل يكُون ذلك العمل الخاص الذي عمله هذا المتأخر، مضاعفَ الثواب لقلة الأعوان عليه، كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إنَّكم تجدون على الخير أعوانًا ولا تجدُون على الشر أعوانًا).

ويمتاز المتقدم بأمور لا يجدها المتأخر، توازي هذه المضاعفة في هذه الأعمال الخاصَّة، وتفضلها بأضعاف كثيرة، كيف وقد قال النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حق الأوَّلين: (لو أنفق أحدكم مثل أُحْد ذهبًا ما بلغَ مُدَّ أحدهم، ولا نصيفه)؛ فصحَّ أنَّ خير القرون قرن النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لرُؤيتهم له، وصلاتهم خلفه، وغزوهم بين يديه وغير ذلك" انتهى نقلا عن "قوت المغتذي على جامع الترمذي" للسيوطي (2/761).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب