الحمد لله.
روى الترمذي (3575)، وأبو داود (5082)، والنسائي (5428) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ، قَالَ: " خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي لَنَا، قَالَ: فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: قُلْ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: قُلْ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، قَالَ: قُلْ، فَقُلْتُ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
وقال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ ".
وهذا الحديث فيه الإرشاد إلى تلاوة هذه السور ثلاث مرات، من غير تقييد لهذه التلاوة بهيئة خاصة.
والأصل أن النص المطلق يعمل به على إطلاقه ولا يقيد إلا بدليل.
قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:
" فإن ورد الخطاب مطلقا حمل على إطلاقه " انتهى من "الفقيه والمتفقه" (1/308).
فعلى هذا؛ يصح أن تقرأ هذه السور مجتمعة ، فتقرأ "سورة الإخلاص" ثم "سورة الفلق" ثم "سورة الناس" مرة، ثم تعيدها مرة ثانية، ثم تعيدها مرة ثالثة.
ويصح أن تقرأ "سورة الإخلاص" ثلاث مرات، ثم "سورة الفلق" ثلاث مرات، ثم "سورة الناس" ثلاث مرات.
لأنه يصدق على من قرأها بهذه الطريقة أو تلك أنه قرأ هذه السور الثلاثة ثلاث مرات.
وهذا يشبه هيئة التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلاة، فقد أجاز فيها العلماء أن يجمعها وأن يفردها، وإنما اختلفوا في الأفضل.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
" وهل الأفضل أن يجمع بين التسبيح والتحميد والتكبير في كل مرة، فيقولهن ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يختم بالتهليل؟ أم الأفضل أن يفرد التسبيح والتحميد والتكبير على حدة؟
قال أحمد -في رواية محمد بن ماهان - وسأله: هل يجمع بينهما، أو يفرد؟ قال: لا يضيق.
قال أبو يعلى: وظاهر هذا: أنه مخير بين الإفراد والجمع.
وقال أحمد -في رواية أبي داود -: يقول هكذا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر، ولا يقطعه.
وهذا ترجيح منه للجمع، كما قاله أبو صالح؛ لكن ذكر التهليل فيه غرابة...
وقال إسحاق: الأفضل أن يفرد كل واحد منها.
وهو اختيار القاضي أبي يعلى من أصحابنا، قال: وهو ظاهر الأحاديث...
قلت: هذا على رواية من روى التسبيح ثلاثا وثلاثين، والتحميد ثلاثا وثلاثين، والتكبير ثلاثا وثلاثين ظاهر، وأما رواية من روى: (يسبحون ويحمدون ويكبرون ثلاثا وثلاثين ) فمحتملة، ولذلك وقع الاختلاف في فهم المراد منها " انتهى من "فتح الباري" (7/414–416).
والله أعلم.
تعليق