الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

تتبرع من مالها ثم إذا جاءها تبرع أخذته عوضا عما تبرعت به، فهل يجوز؟

415440

تاريخ النشر : 13-05-2023

المشاهدات : 2311

السؤال

كنت مسؤولة عن مشروع حفر بئر في منظمة خيرية، وكان النظام أن أجمع التبرعات في هاتفي، وفي نهاية اليوم أرسلها للمركز، فكنت في مرات أتبرع انا بمالي، وبعدها يتم إرسال رصيد لي، ويكون من الصعب علي تحويله في ذلك الوقت، وهذا مثال لما أفعله، كي يتضح الأمر: مثلا: أكون قد تبرعت ب 200 ريال من مالي الشخصي، وتم إرسالها للمركز، وبعدها جاءني تبرع 50 ريال، فأعتبر نفسي تبرعت ب 150، واجعل ال 50 المتبقية هي ما تم التبرع لي به، وأبقي ال 50 في هاتفي؛ وذلك لصعوبة تحويلها علي، فأكون قد تبرعت ب 150، فهل ما فعلته صحيح؟

الجواب

الحمد لله.

إذا تبرعت من مالك لحفر بئر، ثم جاءك مال من متبرع، وأردت أخذ ماله لنفسك عوضا عن جزء مما تبرعت به، فهذا له حالتان:

الأولى:

أن يكون التبرع قد وصل إلى مستحقه من فقير أو مسكين؛ فلا يحل لك هذا التصرف؛ لأن الرجوع في التبرع محرم، ولأن المتبرع الجديد لم يأذن لك، فينصرف تبرعك لنفسك، ولأنك تأخذين منه على أنك ستضعينها في محلها، مع أن المال قد وصل قبل ذلك.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وأما الصدقة، فاتفقوا على أنه لا يجوز الرجوع فيها بعد القبض" انتهى. من "فتح الباري" (5/ 235).

والأصل في ذلك: ما رواه البخاري (2589) عن ابن عباس رضي الله عنهما: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِه) ِوفي لفظ (2623) (الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ).

وقد بوب عليه البخاري في صحيحه باب: "لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته".

وذكر ابن مفلح في " الفروع " (4/ 253) أنه لا تجزئ نية الوكيل وحده وفاقاً، قال : " لأن نيته لم يؤذن له فيها ، فتقع نفلاً ولو أجازها [ أي صاحب الزكاة ].

وكذا من أخرج من ماله زكاةً عن حي بلا إذنه : لم تجزئه ولو أجازها؛ لأنها ملك المتصدِّق فوقعت عنه " انتهى .

وينظر للأهمية: جواب السؤال رقم: (202090).

الثانية:

أن يكون التبرع لم يصل إلى مستحقه، بل وصل إلى المنظمة، وهي بمنزلة الوكيل عن المتبرعين، فلك الرجوع فيه، وجعل غيرك مكانك.

قال النووي رحمه الله: " من دفع إلى وكيله أو ولده أو غلامه أو غيرهم شيئا يعطيه لسائل أو غيره صدقة تطوّع، لم يزُل ملكُه عنه حتّى يقبضه المبعوث إليه، فإن لم يتّفق دفعه إلى ذلك المعيَّن، استُحِب له ألا يعود فيه، بل يتصدّق به على غيره، فإن استردّه وتصرّف فيه، جاز؛ لأنّه باق على ملكه " انتهى من " المجموع شرح المهذب " (6/ 239).

وقال البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 468): "ومن ميز شيئاً للصدقة به، أو وكل فيه، ثم بدا له أن لا يتصدق به: سُنَّ له إمضاؤه مُخالفة للنفس والشياطين، ولا يجب عليه إمضاؤه ; لأنها لا تُملك قبل القبض" انتهى.

وهذا قول أكثر الفقهاء. وينظر: "المغني" (5/ 379، 383). 

وعلى ذلك؛ فإذا عرفت أن مالك ما زال في يد الجهة المسؤولة عن حفر البئر، ولم يوضع في مصرفه بالفعل، فلك الرجوع فيما ذكرت، واحتساب ما نزل في رصيدك من جملة ما تم تحويله.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب