السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

إذا منعت الأم الحاضنة الأولاد من رؤية أبيهم فهل تلزمه نفقتهم؟

415602

تاريخ النشر : 25-04-2023

المشاهدات : 11384

السؤال

في حالة الطلاق والانفصال الحضانة تكون للأم كما هو معروف شرعا، فإذا منعت الأم الأب من رؤية أولاده وعدم تمكينه من المشاركة في تربيتهم، ونزعت منه الولاية والقوامة على أبنائه، بموجب القانون الوضعي، وبذلك تنتهي ولاية الأب عليهم، حيث إن القانون في بلادنا الحضانة للأم حتى 15 سنة، ويكون الأب طوال تلك الفترة مجرد آلة لصرف الفلوس، منزوع منه القوامة والولاية، بل لا يستطيع أن يرى أبنائه. فهل يجوز أن يمتنع من النفقة عليهم ؟ وهل يوجد ما يلزمني من الإنفاق على مجهول لا أعلمه؟ فهم مجرد أولادي بالاسم فقط، وليس فعلا، علما بأن القانون الوضعي لم يضع عقوبة صريحة واضحة للحاضنة التي تفعل ذلك، ولم يلزمها بالرجوع للشرع.

الجواب

الحمد لله.

أولا :

نفقة الأولاد واجبة على الأب باتفاق العلماء ، سواء أمسك زوجته أو طلقها، وسواء كانت الزوجة فقيرة أم غنية ، فلا يلزمها الإنفاق على الأولاد مع وجود الأب .

والنفقة على الأولاد، تشمل المسكن والمأكل والمشرب والملبس والتعليم .... وكل ما يحتاجون إليه ، وتقدر بالمعروف، ويراعى فيها حال الأب ؛ لقوله تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) الطلاق/7 ، وهذا يختلف من بلد لآخر ، ومن شخص لآخر .

ثانيا:

كون الحضانة للأم، لا يعني سقوط ولاية الأب أو حقه في رؤية أولاده وتربيتهم وحفظهم ورعايتهم، ولا يجوز للمرأة حرمانه من رؤية أولاده والقيام بما ذكرنا، وذلك ظلم بين له وللأولاد أيضا وحملهم على قطيعة الرحم.

وقد قرر الفقهاء أن من حق الأب رؤية ابنه حال كونه في حضانة الأم، وأنه لا يمنع من زيارته.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (17/317): "رؤية المحضون:

لكل من أبوي المحضون إذا افترقا حق رؤيته وزيارته، وهذا أمر متفق عليه بين الفقهاء، لكنهم يختلفون في بعض التفاصيل.

وبيان ذلك فيما يلي:

يرى الشافعية والحنابلة أن المحضون إن كان أنثى فإنها تكون عند حاضنها - أما أو أبا - ليلا ونهارا، لأن تأديبها وتعليمها يكون داخل البيت، ولا حاجة بها إلى الإخراج، ولا يمنع أحد الأبوين من زيارتها عند الآخر، لأن المنع من ذلك فيه حمل على قطيعة الرحم، ولا يطيل الزائر المقام، لأن الأم بالبينونة صارت أجنبية، والورع إذا زارت الأم ابنتها أن تتحرى أوقات خروج أبيها إلى معاشه. وإذا لم يأذن زوج الأم بدخول الأب أخرجتها إليه ليراها، ويتفقد أحوالها، وإذا بخل الأب بدخول الأم إلى منزله أخرجها إليها لتراها، وله منع البنت من زيارة أمها إذا خشي الضرر حفظا لها.

والزيارة عند الشافعية تكون مرة كل يومين فأكثر، لا في كل يوم. ولا بأس أن يزورها كل يوم إذا كان البيت قريبا، كما قال الماوردي.

وعند الحنابلة تكون الزيارة على ما جرت به العادة، كاليوم في الأسبوع.

وإن كان المحضون ذكرا، فإن كان عند أبيه، كان عنده ليلا ونهارا، ولا يمنعه من زيارة أمه، لأن المنع من ذلك إغراء بالعقوق وقطع الرحم، ولا يكلف الأم الخروج لزيارته، والولد أولى منها بالخروج، لأنه ليس بعورة. ولو أرادت الأم زيارته فلا يمنعها الأب من ذلك، لما في ذلك من قطع الرحم، لكن لا تطيل المكث، وإن بخل الأب بدخولها إلى منزله أخرجه إليها، والزيارة تكون مرة كل يومين فأكثر، فإن كان منزل الأم قريبا، فلا بأس أن يزورها الابن كل يوم، كما قاله الماوردي من الشافعية، أما الحنابلة فكما سبق تكون الزيارة كل أسبوع.

وإن كان المحضون الذكر عند أمه كان عندها ليلا، وعند الأب نهارا لتعليمه وتأديبه...

وإن مرض أحد الأبوين والولد عند الآخر لم يمنع من عيادته، سواء أكان ذكرا أم أنثى...

ويقول الحنفية: إن الولد متى كان عند أحد الأبوين فلا يمنع الآخر من رؤيته إليه وتعهده إن أراد ذلك.

ولا يجبر أحدهما على إرساله إلى مكان الآخر، بل يخرجه كل يوم إلى مكان يمكن للآخر أن يراه فيه.

وعند المالكية: إن كان المحضون عند الأم فلا تمنعه من الذهاب إلى أبيه يتعهده ويعلمه، ثم يأوي إلى أمه يبيت عندها. وإن كان عند الأب فلها الحق في رؤيته كل يوم في بيتها لتفقد حاله. ولو كانت متزوجة من أجنبي من المحضون فلا يمنعها زوجها من دخول ولدها في بيتها، ويقضى لها بذلك إن منعها" انتهى.

ثالثا:

إذا منعت الأم الأب من رؤية أولاده كانت آثمة بذلك، وله أن يرفع أمرها للقاضي الشرعي لتمكينه من ذلك.

والذي ننصح به أن توسط من يتكلم مع الأم وأهلها، ليبين لهم ما في تصرفها من الظلم وسوء التربية لأولادها، فإن تمادت فلا مانع من تأخير النفقة حتى ترى أولادك، وذلك للضغط عليها، وإن كانت نفقة أولادك لا تسقط بمعصيتها، وعنادها، ولا يجوز لك أن تمنعها على صفة الدوام، ولا أن تحوج أولادك إلى نفقة غيرك، أو ماله، ولا ذنب للأولاد في ذلك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب