الحمد لله.
اللام في قوله تعالى: (لمسجد)، لام الابتداء، أو: لام القسم.
أمَّا لام الابتداء، فهي: "أكثرُ اللامات تصرُّفًا، ومعناها التوكيد، وهو تحقيقُ معنى الجملة وإزالةُ الشك".
"شرح المفصل" لابن يعيش(5/146).
وأما لام القسم، فأصلها: "لامُ الابتداء، وهي أحدُ الموجِبَيْن اللذين يُتلقّى بهما القسم، وهما اللامُ و"إنَّ". وهذه اللامُ تدخل على الجملتين الاسميّةِ والفعلّيةِ".
"شرح المفصل" لابن يعيش (5/140).
ولام الابتداء لشدة توكيدها وتحقيقها ما تدخل عليه يقدر بعض الناس قبلها قسمًا، فيقول: هي لام القسم، كأن تقدير قوله: لزيد قائم، والله لزيد قائم، فأضمر القسم ودلت عليه اللام، وغير منكر أن يكون مثل هذا قسمًا للتشابه بين لام القسم والابتداء.
انظر في الفرق بينهما "اللامات"، لأبي القاسم الزجاجي(78 - 79).
وقد ذكر أكثر أهل التفسير في معاني "اللام" في الآية الكريمة، معنى: الابتداء، وذكر بعضهم أنها لام الابتداء والقسم جميعًا.
ولا يوجد دليل يرجح أحد المعنيين فيها، وحمل الآية عليهما سائغ، وكما يقول "الزجاجي": "والمعنى بينهما قريب لاجتماعهما في التوكيد والتحقيق"، انتهى من "اللامات" (79).
قال "الثعلبي": "اللام فيه لام الابتداء، والقسم، تقديره: والله لمسجدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى أي: بني أصله وابتدئ بناؤه"، انتهى.
"تفسير الثعلبي" (14/ 54)، "التفسير البسيط" (11/48)، وانظر: "اللامات" (78).
وقال "مكي": "ثم أقسم، فقال: لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التقوى، أي: ابتدئ أساسه وبناؤه على طاعة الله عز وجل، ورضوانه مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، ابتدئ بنيانه، أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ، أي: أولى أن تقوم فيه، مصلياً لله، عز وجل"، انتهى من "الهداية الى بلوغ النهاية" (4/ 3155).
وقال "البغوي": "اللام لام الابتداء، وقيل: لام القسم، تقديره: والله لمسجد أسس".
انتهى من "تفسير البغوي" (4/95).
وقال "ابن عطية": "قيل إن اللام لام قسم، وقيل هي لام الابتداء كما تقول: لزيد أحسن الناس فعلًا، وهي مقتضية تأكيدًا"، انتهى من "تفسير ابن عطية" (3/82).
والله أعلم.
تعليق