الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

ما صحة حديث: ( لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ يَتَمَنَّوْنَ فِيهِ الدَّجَّالَ )؟

416171

تاريخ النشر : 04-04-2023

المشاهدات : 4625

السؤال

ما صحة حديث (لَيأتِيَنَّ على أُمَّتي زمانٌ يتمنَّوْنَ فيه الدَّجَّالَ)، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ بأبي أنتَ وأُمِّي مِمَّ ذاكَ، قال: (ممَّا يلقَوْنَ مِن العَناءِ والعَناءِ)؟

ملخص الجواب

في ثبوت الحديث نظر، وهو مخالف لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من التحذير من فتنة الدجال وأنها أعظم الفتن التي يلقاها الناس في هذه الدنيا.

الجواب

الحمد لله.

هذا الحديث رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4/309)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْوَكِيعِيُّ، قَالَ: حدثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حدثنا عُبَيْدُ بْنُ طُفَيْلٍ أَبُو سِيدَانَ الْعَبْسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ شَدَّادًا أَبَا عَمَّارٍ، يَقُولُ: قَالَ حُذَيْفَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ يَتَمَنَّوْنَ فِيهِ الدَّجَّالَ).

 قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مِمَّ ذَاكَ؟

قَالَ: (مِمَّا يَلْقُونَ مِنَ الْعَنَاءِ وَالْعَنَاءِ).

ثم قال الطبراني رحمه الله تعالى:

" لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ طُفَيْلٍ إِلَّا قَبِيصَةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْوَكِيعِيُّ " انتهى.

قال الهيثمي رحمه الله تعالى:

" رواه الطبراني في "الأوسط ورجاله ثقات"، ورواه البزار بنحوه ورجاله ثقات " انتهى من "مجمع الزوائد" (7/285).

وشداد بن عمار أبو عمار مجهول الحال، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير"، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، حيث قال:

" شَدّاد بْنُ ...

قَالَ حُذَيفة، قَالَ النَّبيُّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم، فِي الدَّجّال.

قَالَه لنا قَبِيصَة، حدَّثنا عُبَيد بن طُفَيل، حدَّثنا شَدّاد " انتهى من "التاريخ الكبير" (4/225).

وكذا ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/328) من غير حكم عليه.

وذكره ابن حبان في "الثقات" (4/358).

ورواه البزار في "المسند" (7/267)، قال: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ الطُّفَيْلِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ يَتَمَنَّوْنَ الدَّجَّالَ، قِيلَ: وَمِمَّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: فَأَخَذَ أُذُنَيْهِ أَوْ قَالَ: فَأَخَذَ أُذُنَهُ فَهَزَّهُمَا، ثُمَّ قَالَ: مِمَّا يَلْقَوْنَ مِنَ الْفِتَنِ - أَوْ كَلِمَةٌ نَحْوُهَا -).

وقال البزار رحمه الله تعالى:

" وَهَذَا الْكَلَامُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا عَنْ حُذَيْفَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَعُبَيْدُ بْنُ الطُّفَيْلِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَشْهُورٌ حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ " انتهى.

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" وسائر رجال البزار ثقات من رجال "التهذيب "، غير القاسم بن بشر بن معروف، ترجمه الخطيب (12/427) ، وكناه بأبي محمد البغدادي وقال:

"وكان ثقة ".

وذكره ابن حبان في "الثقات " (9/19)، فالسند صحيح، ولا يخدج فيه أنه خالفه أحمد بن عمر الوكيعي في رواية الطبراني؛ فجعل مكان ربعي بن حراش: "شداد بن عمار"؛ لأن كلاً من الوكيعي وابن معروف ثقة " انتهى من "السلسلة الصحيحة" (7/240).

لكن قد تابع البخاري كما سبق الوكيعي، فجعله من حديث شداد، كما نبه الشيخ بعد ذلك، وشداد لم نقف له على توثيق معتبر.

ورواه نعيم بن حماد في "الفتن" (1/61)، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، وَقَالَ، لَهُ رَجُلٌ: خَرَجَ الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: (أَمَّا مَا كَانَ فِيكُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا وَاللَّهِ، لَا يَخْرُجُ حَتَّى يَتَمَنَّى قَوْمٌ خُرُوجَهُ، وَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يَكُونَ خُرُوجُهُ أَحَبَّ إِلَى أَقْوَامٍ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ).

لكن إسناده ضعيف، فنعيم متكلم فيه، وهشيم مدلّس ولم يصرح بالتحديث، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" هشيم بن بشير السلمي أبو معاوية، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي " انتهى من "تقريب التهذيب" (ص574).

وكذا مجالد وهو ابن سعيد متكلم فيه، لخص حاله الحافظ ابن حجر بقوله:

" مُجَالِد ابن سعيد بن عُمَير الهَمْداني، أبو عمرو الكوفي، ليس بالقويّ وقد تغيّر في آخر عمره " انتهى من "تقريب التهذيب" (ص520).

وقد رويت قصة شبيهة لها من غير محل الشاهد، لكن من حديث حذيفة بن أسيد وليس من حديث حذيفة بن اليمان.

كما في حديث أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: كُنْتُ بِالْكُوفَةِ، فَقِيلَ: خَرَجَ الدَّجَّالُ، قَالَ: فَأَتَيْنَا عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ وَهُوَ يُحَدِّثُ، فَقُلْتُ: هَذَا الدَّجَّالُ قَدْ خَرَجَ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ فَأَتَى عَلَيَّ الْعَرِّيفُ، فَقَالَ: هَذَا الدَّجَّالُ قَدْ خَرَجَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ يُطَاعِنُونَهُ، قَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَس، فَنُودِيَ إِنَّهَا كَذِبَة صَبَاغ، قَالَ: فَقُلْنَا يَا أَبَا سَرِيحَةَ مَا أَجْلَسْتَنَا إِلَّا لِأَمْرٍ فَحَدِّثْنَا، قَالَ: ( إِنَّ الدَّجَّالَ لَوْ خَرَجَ فِي زَمَانِكُمْ لَرَمَتْهُ الصِّبْيَانُ بِالْخَذْفِ، وَلَكِنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ فِي بُغْضٍ مِنَ النَّاسِ، وَخِفَّةٍ مِنَ الدِّينِ، وَسُوءِ ذَاتِ بَيْنٍ... ) رواه الحاكم في "المستدرك" (4/529)، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "، ووافقه الذهبي، ووافقهما الشيخ الألباني في "قصة المسيح الدجال" (ص 106).

وروى أبو نعيم في "الحلية" (7/123)، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا محمود بن محمد الواسطي، حدثنا القاسم ابن سعيد بن المسيب، حدثنا مصعب بن المقدام، حدثنا سفيان، عن أبي المقدام ثابت بن هرمز، عن زيد بن وهب، قال: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس أحد أشد على الدجال من بني تميم . وقال: لا يخرج حتى لا يكون شيء أحب إلى المؤمن خروجا من نفسه ).

ورواه الخطيب في "التاريخ" (15/135) من حديث مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُبَارَكِ التُّرْكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، فذكره.

ورواته موثقون.

وقال أبو نعيم: " تفرد به مصعب عن الثوري ".

ومصعب وإن تكلم فيه، فقد وثقه غير واحد، فأقل أحواله أنه يعتبر بحديثه، قال ابن أبي حاتم رحمه الله:

" سألت أبي عن مصعب بن المقدام فقال: هو صالح الحديث " انتهى من "الجرح والتعديل" (8/ 308).

لكن متنه مغاير لمتن الحديث الأول، فليس فيه تمني خروج الدجال، بل تمني الموت والقضيتان مختلفتان.

فالحاصل؛ أن إسناد حديث حذيفة فيه نظر لعدم شهرة راويه شداد بن عمار وعدم ورود توثيق معتبر له.

ثم ما فيه من تمني خروج الدجال: فيه نوع مخالفة لفتنة الدجال، وما عظم النبي صلى الله عليه وسلم من شأنها، وأنها أعظم فتنة يلقاها الناس، منذ خلق الله آدم، إلى قيام الساعة؛ كما جاء وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنْ الدَّجَّالِ ) رواه مسلم برقم 5239 .

وفي رواية أحمد عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فِتْنَةٌ أَكْبَرُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ) روه أحمد (16253) ط الرسالة، وقال محققوه: "إسناده صحيح على شرط مسلم".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب