الحمد لله.
أولا:
اختلف الفقهاء في "الشروط في النكاح": ما يصح منها وما لا يصح، وقد لخص ذلك ابن قدامة رحمه الله، مبينا أثرها على العقد، فقال في المغني (7/ 93):
"وجملة ذلك : أن الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة:
أحدها: ما يلزم الوفاء به , وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته, مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها, أو لا يتزوج عليها, فهذا يلزمه الوفاء لها به, فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح...
القسم الثاني: ما يبطل الشرط، ويصح العقد: مثل أن يشترط أن لا مهر لها، أو أن لا ينفق عليها، أو إن أصدقها رجع عليها، أو تشترط عليه أن لا يطأها، أو يعزل عنها، أو يقسم لها أقل من قسم صاحبتها، أو أكثر، أو لا يكون عندها في الجمعة إلا ليلة، أو شرط لها النهار دون الليل، أو شرط على المرأة أن تنفق عليه، أو تعطيه شيئا.
فهذه الشروط كلها باطلة في نفسها؛ لأنها تنافي مقتضى العقد؛ ولأنها تتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده، فلم تصح، كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع، فأما العقد في نفسه فصحيح؛ لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد، لا يشترط ذكره، ولا يضر الجهل به، فلم يبطله ...
القسم الثالث: ما يبطل النكاح من أصله، مثل أن يشترطا تأقيت النكاح، وهو نكاح المتعة أو أن يطلقها في وقت بعينه، أو يعلقه على شرط، مثل أن يقول: زوجتك إن رضيت أمها أو فلان، أو يشترط الخيار في النكاح لهما، أو لأحدهما، فهذه شروط باطلة في نفسها، ويبطل بها النكاح" انتهى.
وينظر جواب السؤال (108806).
فإذا اتفق الطرفان على أن ما يذكرونه وعد، وليس شرطا، فالأمر على ما اتفقا، فلا يكون شرطا، ولا يجري فيه خلاف الفقهاء في صحة الشرط أو فساده.
ثانيا:
الوفاء بالوعد إذا لم يتضمن محرما، فهو واجب على القول الراجح.
وينظر: جواب السؤال رقم (264311) ورقم (30861)
فلو وعد ألا يسافر بها، لزمه الوفاء بذلك شرعا، فلا ينبغي الاستهانة بالوعد.
والفرق بين الشرط الصحيح في النكاح والوعد: أنه إن لم يف بالشرط، كان لها الفسخ.
وأما الوعد فإن لم يف به أثم، لكن ليس لها الفسخ.
قال ابن قدامة رحمه الله: " فإذا ثبت أنه شرط لازم، فلم يفِ لها به، فلها الفسخ، ولهذا قال الذي قضى عليه عمر بلزوم الشرط: إذًا تُطَلِقْنَنَا، فلم يلتفت عمر إلى ذلك، وقال: مقاطع الحقوق عند الشروط.
ولأنه شرط لازم في عقد، فيثبت حق الفسخ بترك الوفاء به، كالرهن، والضمين في البيع" انتهى من المغني (7/ 94).
والله أعلم.
تعليق