الحمد لله.
أولا:
مصاريف العقد الأول على البائع أو البنك، بحسب ما يتفقان، وإذا دفعها البنك جاز أن يدخلها في المرابحة، فإن المرابحة بيع بالثمن الأول مع زيادة ربح، ويدخل في الثمن ما جرى العرف بإضافته من مصروفات تتعلق بالسلعة؛ لأن تلك المصاريف المدفوعة للغير ملحقة بالثمن.
جاء في “المعايير الشرعية”، ص114: “يجب أن تصرح المؤسسة عند التعاقد على البيع بتفاصيل المصروفات التي ستدخلها في الثمن. ولها أن تدخل أي مصروفات متصلة بالسلعة إذا قبل بها العميل.
أما إذا لم تفصل تلك المصروفات فليس للمؤسسة أن تدخل إلا ما جرى العرف على اعتباره من التكلفة؛ مثل مصروفات النقل، والتخزين، ورسوم الاعتماد المستندي، وأقساط التأمين”.
وجاء فيها ص126: “مستند إضافة ما جرى العرف بإضافته من مصروفات تتعلق بالسلعة أن تلك المصاريف المدفوعة للغير ملحقة بالثمن” انتهى.
فلا ربا في ذلك، لدخول هذه المصاريف ضمن الثمن.
ثانيا:
دفعك المصاريف التي على البنك، يعتبر هبة، وهي ليست هبة محضة، بل لأجل البيع، ولأجل ألا يضاف عليها ربح المرابحة، وهذا ممنوع عند بعض أهل العلم؛ لما روى الترمذي (1234) وأبو داود (3504) والنسائي (4611) عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ) وصححه الترمذي والألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في “الفتاوى الكبرى” (4/ 39): ” والمنع من هذه الحيل هو صحيح قطعا , لما روى عبد الله بن عمر , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع , ولا ربح ما لم يضمن , ولا بيع ما ليس عندك} رواه الأئمة الخمسة: أحمد , وأبو داود , والنسائي , والترمذي , وابن ماجه , وقال الترمذي: حسن صحيح.
فنهى صلى الله عليه وسلم عن أن يجمع بين سلف وبيع , فإذا جمع بين سلف وإجارة، فهو جمع بين سلف وبيع، أو مثله.
وكل تبرع يجمعه إلى البيع والإجارة، مثل الهبة والعارية والعرية والمحاباة في المساقاة والمزارعة وغير ذلك, هو مثل القرض.
فجماع معنى الحديث: أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع؛ لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة، لا تبرعا مطلقا؛ فيصير جزءا من العوض، فإذا اتفقا على أنه ليس بعوض، جمعا بين أمرين متباينين.
فإن من أقرض رجلا ألف درهم، وباعه سلعة تساوي خمسمائة بألف، لم يرض بالإقراض إلا بالثمن الزائد للسلعة. والمشتري لم يرض ببذل ذلك الثمن الزائد، إلا لأجل الألف التي اقترضها. فلا هذا بيعا بألف، ولا هذا قرضا محضا، بل الحقيقة أنه أعطاه الألف والسلعة بألفين” انتهى.
ولهذا؛ فالصواب ألا تتدخل في المعاملة، حتى يشتري البنك العقار، ثم يبيعك.
ثالثا:
لا حرج في سكنك في هذا العقار قبل شراء البنك له، سواء كان السكن مجانا، أو بأجرة، ولا يؤثر هذا على المرابحة؛ إلا إذا اشتريت العقار من صاحبه، ولو بلا دفع ثمن، فهذا يبطل المرابحة التي مع البنك، ويجعل التمويل حيلة على الربا.
وينظر: جواب السؤال رقم: (261536).
والله أعلم.
تعليق