الثلاثاء 23 صفر 1446 - 27 اغسطس 2024
العربية

مسافر للعمل وزوجته تطيع أخاها وتعصيه، فهل يهجرها عند عودته؟

427988

تاريخ النشر : 08-03-2024

المشاهدات : 322

السؤال

أنا أعمل بالخارج، وأقضي أجازه مع زوجتي وابني شهرا بالسنة، وأثناء فترة سفري إذا حدثت أي مشكلة تشتكي لأخيها، ويقوم أخوها بإلزامها بعدم التحدث معي، ويطلب منها عدم فتح الإنترنت لتتحدث معي، ويقول لها: إذا أرد أن يتصل بك، فليتصل على الموبايل ويتحدث معك ومع ابنه فموافق، ولكن لا تتكلمي معه على الإنترنت، وأنا لا أستطيع الاتصال بمكالمة دولية كل يوم، وبقراره هذا أنا غير قادر على رؤية ابني. فما حكم الشرع؟ وهل يجوز أن أهجرها في المضاجع في فترة الأجازه؟ وما المدة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يلزم الزوجة طاعة زوجها في غير المعصية، وذلك مقدم على طاعتها لأبيها وأمها وأخيها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الْوَاجِب عَلَيْهَا طَاعَة زَوجهَا إِذا لم يأمرها بِمَعْصِيَة، وطاعته أَحَق من طاعتهما [أي والديها] " انتهى من "مختصر الفتاوى المصرية" ص 347

وفي "الموسوعة الفقهية" (41/313): " اتفق الفقهاء على أن طاعة الزوج واجبة على الزوجة، لقوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم؛ ولقوله تعالى ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة.

واتفقوا كذلك على أن وجوب طاعة الزوجة زوجها مقيدة بأن لا تكون في معصية لله تعالى، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل)" انتهى.

فينبغي أن تعلم زوجتك ذلك، وأنها مأمورة به شرعا، وأنه لا حق لها في حرمانك من رؤية ولدك، ولا في تكليفك ثمن الاتصال.

وإذا عصت المرأة زوجها كانت ناشزا، وقد شرع الله لعلاج النشوز أمورا، فقال: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا. وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء/34-35.

فعليك أن تبدأ بوعظها ونصحها، وبيان خطئها، فإن لم يُجد الوعظ، كان الهجر، ثم الضرب غير المبرح، ثم الاستعانة بصالحي أهلك وأهلها، ليحكموا بينكما.

ثانيا:

أما الهجر في فترة الأجازة، فإن كنت تريده عقوبة على تصرفها أثناء سفرك، لأنه لم يفد معها الوعظ، فلا ينبغي ذلك؛ فإنك لا تمكث معها إلا شهرا، وهي فترة وجيزة، ولها عليك حق الإعفاف، ولنفسك عليك حق أيضا؛ بل عِظْها، وبين لها أهمية طاعة الزوج، وأن طاعته مقدمة على طاعة الأخ.

فإن أساءت مع وجودك أيضا، ولم ينفع معها الوعظ: فلك أن تهجرها في المضجع.

واختلف الفقهاء في مدة الهجر، والمستحسن عند المالكية شهر، ولا يبلغ به الأربعة الأشهر التي ضرب الله أجلا عذرا للمولي.

وأما الشافعية والحنابلة فلم يحدوه بمدة، بل يهجرها حتى تنصلح.

والمراد هنا الهجر في المضجع، وأما الهجر في الكلام فلا يزيد على ثلاثة أيام.

جاء في "الموسوعة الفقهية"  (40/297): " اتفق الفقهاء على أن مما يؤدب الرجل به امرأته إذا نشزت الهجر، لقوله تعالى: ( واهجروهن في المضاجع ).

واختلفوا فيما يكون به الهجر المشروع، وفي غايته.

فذهب الحنفية إلى أنه إذا وعظ الرجل امرأته، فإن نَجَعت فيها الموعظة، وتركت النشوز، وإلا هجرها.

وقيل: يخوفها بالهجر أولا، والاعتزال عنها وترك الجماع والمضاجعة، فإن تركت، وإلا هجرها، لعل نفسها لا تحتمل الهجر.

ثم اختلفوا في كيفية الهجر، قيل: يهجرها بأن لا يجامعها ولا يضاجعها على فراشه.

وقيل: يهجرها بأن لا يكلمها في حال مضاجعته إياها، لا أن يترك جماعها ومضاجعتها، لأن ذلك حق مشترك بينهما، فيكون في ذلك من الضرر ما عليها، فلا يؤدبها بما يضر بنفسه ويبطل حقه...

وقال المالكية: الهجر أن يترك مضجعها، أي يتجنبها في المضجع، فلا ينام معها في فراش، لعلها أن ترجع عما هي عليه من المخالفة، وهذا ما رواه ابن القاسم عن مالك، واختاره ابن العربي وحسنه القرطبي.

وغاية الهجر المستحسن عند المالكية: شهر، ولا يبلغ به الأربعة الأشهر التي ضرب الله أجلا عُذرا للمُولِي.

وقال الشافعية: إن نشزت الزوجة: وعظها زوجها، ثم هجرها في المضجع، لأن له أثرا ظاهرا في تأديب النساء.

أما الهجران في الكلام: فلا يجوز فوق ثلاثة أيام، لحديث: (لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام)؛ إلا إن قصد ردها، أو إصلاح دينها، إذ الهجر - ولو دائما، ولغير الزوجين - جائز لغرض شرعي، كفسق وابتداع وإيذاء وزجر وإصلاح.

والمراد بالهجر: أن يهجر فراشها، فلا يضاجعها فيه.

وقيل: هو ترك الوطء.

وقيل: هو أن يقول لها هُجرا؛ أي: إغلاظا في القول.

وقال ابن حجر الهيتمي: لا غاية له عند علمائنا، لأنه لحاجة صلاحها، فمتى لم تصلُح، تُهجر، وإن بلغ سنين، ومتى صلحت، فلا هجر، كما قال الله تعالى: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) .

وقال الحنابلة: إن أظهرت المرأة النشوز: هجرها زوجها في المضجع ما شاء، لقوله تعالى: (واهجروهن في المضاجع)، وقال ابن عباس: لا تضاجعها في فراشك، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فلم يدخل عليهن شهرا.

وهجرها في الكلام ثلاثة أيام لا فوقها؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب