السبت 13 صفر 1446 - 17 اغسطس 2024
العربية

اشترى ذهبا بمال المضاربة دون إذن صاحب المال، فلمن يكون الربح؟

433390

تاريخ النشر : 27-02-2023

المشاهدات : 1568

السؤال

أخي يعمل فى مجال العقارات، وأخذ مالا من الناس، وقبل الموعد باع جزءاً من العقار، وجاء جزء من أصل رأس المال الذي أخذه هذا قبل حلول موعد أخذ الفلوس، وأعطاني لتوزيعه على المساهمين، فقلت له: الأفضل أن ننتظر حتى يباع الجزء الآخر من العقار، ويأخذون فلوسهم كاملة، ووافق، فقلت له: لحفظ هذا المال اشتري ذهبا، وأبيعه عندما يباع الجزء المتبقى من العقار. السؤال: عند بيع الذهب، ويوجد ربح فهل يوزع كما هو متفق عليه فى تجارة العقار أم لا، مع العلم انه إذا خسر جزءً من المال كنت أدفعه من مالي؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

من أخذ أموال الناس ليتاجر بها في العقارات أو غيرها ، فهي مضاربة ، والعامل يكون وكيلا عن أصحاب الأموال ، وأمينا على أموالهم .

قال ابن القيم رحمه الله : "المضارب أمين ووكيل .. فأمين إذا قبض المال ، ووكيل إذا تصرف فيه" انتهى، "زاد المعاد" (1/154) .

فإذا ثبت أنه وكيل ، فلا يجوز للوكيل أن يتصرف فيما وكل فيه ، إلا بما أُذن له فيه فقط ، ولا يتعدى ذلك .

قال ابن قدامة رحمه الله: "وَلَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا مَا يَقْتَضِيه إذْنُ مُوَكِّلِهِ ، مِنْ جِهَةِ النُّطْقِ ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بِالْإِذْنِ ، فَاخْتَصَّ بِمَا أَذِنَ فِيهِ" انتهى من "المغني" (7/243).

وقد منع العلماء المضارب أن يشارك بمال المضاربة في مضاربة أخرى ، إلا بإذن صاحب المال .

قال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (14/98):

"ليس للمُضارِبِ دَفْعُ مالِ المُضارَبَةِ لآخَرَ مُضارَبَةً مِن غيرِ إذْنِ رَبِّ المالِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ" انتهى.

هذا ؛ مع أن المضاربة الثانية هي لصاحب المال ، ويكون شريكا فيها ، فأولى أن يُمنع العامل من أخذ المال لاستفادته الشخصية.

ثانيا :

إذا أخذ العامل مال المضاربة، وضارب به لمصلحة نفسه، أو استفاد منه بوجه آخر غير المضاربة، فإنه يكون في حكم الغاصب.

وقد اختلف العلماء فيمن غصب مالا وتاجر به وربح، لمن يكون الربح؟

والراجح: أنه يعتبر مضاربة بينه وبين صاحب المال، فيقسم الربح بينهما على حسب العرف السائد في مثل هذه المضاربات، وهذا هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (142235).

والذي يظهر في حالكم: أن يقسم الربح، بنفس نسبة تقسيم الربح في مضاربة العقار المتفق عليها بينكما.

أما قولك : إنك كنت ستتحمل الخسارة ، فهذا هو الواجب عليك نتيجة تصرفك في المال بدون إذن صاحبه ، ولا يعني ذلك أن الربح يكون لك ، كما أن الغاصب يضمن المال ، وإذا تاجر به وربح ، يشاركه صاحب المال في الربح ، وهذا ما قضى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حين استفاد ابناه من مال بيت المال وتاجرا به وربحا ، فأراد عمر أن يأخذ الربح كله لبيت المال، فقال أحدهما : (الضَّمَانُ كَانَ عَلَيْنَا؛ فَيَكُونُ الرِّبْحُ لَنَا؟)؛ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ مُضَارَبَةً . رواه مالك في الموطأ .

وهذا ما استدل به شيخ الإسلام ابن تيمية في ترجيح ما ذهب إليه . وينظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام (29/102) .

وعلى هذا ؛ فالذي يظهر أن تدخل أرباح بيع الذهب في المضاربة ، ويقسم الربح على جميع الشركاء ، بنفس النسبة المتفق عليها بينكم.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب