الأربعاء 18 محرّم 1446 - 24 يوليو 2024
العربية

ما هي آداب المسلم مع الله؟

440640

تاريخ النشر : 12-04-2023

المشاهدات : 6612

السؤال

ما هي آداب المسلم مع الله؟ هل يمكنك أن تنصح ببعض الكتب عن أخلاق المسلم ؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

سبق لنا التعرض لأسس التحلي بمكارم الأخلاق بشكل عام في جواب السؤال رقم: (101023)، ورقم: (245973).

ثانيًا:

عقد الشيخ أبو بكر الجزائري رحمه الله فصلًا تكلم فيه عن الأدب مع الله في كتابه: "منهاج المسلم" ونحن نورد ما قاله بعد زيادة العناوين الموضحة للكلام:

1- شكر نعم الله سبحانه:

المسلمُ ينظرُ إلَى مَا للهِ تعالَى عليه منْ مننٍ لَا تحصَى، ونِعَمٍ لَا تعدُّ، اكتنفتهُ منْ ساعةٍ علوقهِ نطفةً فِي رحمِ أمِّهِ، وتسايرهُ إلَى أنْ يلقَى ربَّهُ عز وجل فيشكرُ اللهَ تعالَى عليهَا بلسانهِ بحمدهِ والثَّناءِ عليهِ بمَا هوَ أَهلهُ، وبجوارحهِ بتسخيرهَا فِي طاعتهِ، فيكونُ هذَا أدبًا منهُ معَ اللهِ سبحانهُ وتعالَى؛ إذْ ليسَ منَ الأدبِ فِي شيءٍ كفرانُ النِّعمِ، وجحودُ فضلِ المنعمِ، والتَّنكرُ لهُ ولإحسانهِ وإنعامهِ، واللهُ سبحانهُ يقولُ: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ النحل/53. ويقولُ سبحانهُ: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا النحل/18. ويقولُ جل جلاله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ البقرة/152.

2- تعظيم الله بالطاعة وترك المعصية.

ينظرُ المسلمُ إلَى علمهِ تعالى بهِ، واطِّلاعهِ علَى جميعِ أحوالهِ، فيمتلئُ قلبهُ منهُ مهابةً، ونفسهُ لهُ وقارًا وتعظيمًا، فيخجلُ منْ معصيتهِ، ويستحِي منْ مخالفتهِ، والخروجِ عنْ طاعتهِ. فيكونُ هذَا أدبًا منهُ معَ اللهِ تعالَى؛ إذْ ليسَ منَ الأدبِ فِي شيءٍ أنْ يجاهرَ العبدُ سيِّدَهُ بالمعاصِي، أوْ يقابلهُ بالقبائحِ والرَّذائِل، وهوَ يشهدهُ وينظرُ إليهِ. قالَ تعالَى: مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا نوح/13-14. وَقَالَ: يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ النحل/19. وقالَ: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ يونس/61.

3- التوكل على الله.

ينظرُ المسلمُ إليهِ تعالَى وقدْ قدرَ عليهِ، وأخذَ بناصيتهِ، وأنَّهُ لَا مفرَّ لهُ ولَا مهربَ، ولَا منجَا ولَا ملجأَ منهُ إلَّا إليهِ، فيفرُّ إليهِ تعالَى ويطَّرحُ بينَ يديهِ، ويفوِّضُ أمرهُ إليهِ، ويتوكَّلُ عليهِ، فيكونُ هذَا أدبًا منهُ معَ ربِّهِ وخالقهِ. إذْ ليسَ منَ الأدبِ فِي شيءٍ الفرارُ ممَّنْ لَا مفرَّ منهُ، ولَا الاعتمادُ على مَنْ لَا قدرةَ لهُ، ولَا الاتِّكالُ علَى منْ لَا حولَ ولَا قوَّةَ لهُ. قالَ تعالَى: مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا هود/56. وقالَ عز وجل: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ الذاريات/50. وقالَ: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ المائدة/23.

4- التضرع إلى الله.

ينظرُ المسلمُ إلَى إلطافِ اللهِ تعالَى بهِ فِي جميعِ أمورهِ، وإلَى رحمتهِ لهُ ولسائرِ خلقهِ فيطمعُ فِي المزيدِ منْ ذلكَ، فيتضرَّعُ لهُ بخالصِ الضَّراعةِ والدُّعاءِ، ويتوسَّلُ إليهِ بطيِّبِ القولِ وصالحِ العملِ، فيكونُ هذَا أدبًا منهُ معَ اللهِ مولاهُ؛ إذْ ليسَ منَ الأدبِ فِي شيءٍ اليأسُ منَ المزيدِ منْ رحمةٍ وسعتْ كلَّ شيءٍ، ولَا القنوطُ منْ إحسانٍ قدْ عمَّ البرايَا، وألطافٍ قدِ انتظمتِ الوجودَ. قالَ تعالَى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ الأعراف/156. وقالَ: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ الشورى/19. وقالَ: وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ يوسف/87. وقالَ: لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الزمر/53.

5- خشية الله.

ينظرُ المسلمُ إلَى شدَّةِ بطشِ ربَّهِ، وإلَى قوَّةِ انتقامهِ، وإلَى سرعةِ حسابهِ فيتَّقيهِ بطاعتهِ، ويتوقَّاهُ بعدمِ معصيتهِ، فيكونُ هذَا أدبًا منهُ معَ اللهِ؛ إذْ ليسَ منَ الأدبِ عندَ ذوِي الألبابِ أنْ يتعرَّضَ بالمعصيةِ والظُّلمِ العبدُ الضَّعيفُ العاجزُ للرَّبِّ العزيزِ القادرِ، والقويِّ القاهرِ وهوَ يقولُ: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ الرعد/11. وَيَقُولُ: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ البروج/12. ويقولُ: وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ آل عمران/14.

6- حسن الظن بالله.

ينظرُ المسلمُ إلَى اللهِ عز وجل عندَ معصيتهِ، والخروجِ عنْ طاعتهِ، وكأنَّ وعيدَهُ قدْ تناولهُ، وعذابَهُ قدْ نزلَ بهِ، وعقابَهُ قدْ حلَّ بساحتهِ، كمَا ينظرُ إليهِ تعالَى عندَ طاعتهِ، واتِّباعِ شرعتهِ وكأنَّ وعدهُ قدْ صدقهُ لهُ، وكأنَّ حلَّةَ رضاهُ قدْ خلعهَا عليهِ، فيكونُ هذَا منَ المسلمِ حُسنَ ظنٍّ باللهِ، ومنَ الأدب حسنُ الظَّنِّ باللهِ؛ إذْ ليسَ منَ الأدبِ أنْ يسيءَ المرءُ الظَّنَّ باللهِ فيعصيهُ ويخرجَ عنْ طاعتهِ، ويظنَّ أنَّهُ غيرُ مطَّلعٍ عليهِ، ولَا مؤاخِذٍ لهُ علَى ذنبهِ، وهوَ يقولُ: وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ فصلت/22-23.

كمَا أنَّهُ ليسَ مِنَ الأدبِ معَ اللهِ أنْ يتَّقيهُ المرءُ ويطيعهُ ويظنَّ أنَّهُ غيرُ مجازيهِ بحسنِ عملهِ، ولَا هوَ قابلٌ منهُ طاعتهَ وعبادتهُ، وهوَ عز وجل يقولُ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ النور/52. ويقولُ تعالَى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ الأنعام/160. وَيَقُولُ سبحانهُ: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ النحل/97.

وخلاصةُ القولِ: إنَّ شكرَ المسلمِ ربَّهُ علَى نعمهِ، وحياءهُ منهُ تعالَى عندَ الميلِ إلَى معصيتهِ، وصدقَ الإنابةِ إليهِ، والتَّوكّلَ عليهِ ورجاءَ رحمتهِ، والخوفَ منْ نقمتهِ وحسنَ الظَّنِّ بهِ فِي إنجازِ وعدهِ، وإنفاذِ وعيدهِ فيمنْ شاءَ منْ عبادهِ؛ هوَ أدبهُ معَ اللهِ، وبقدرِ تمسُّكهِ بهِ ومحافظتهِ عليه تعلُو درجتهُ، ويرتفعُ مقامهُ وتسمُو مكانتهُ، وتعظمُ كرامتهُ فيصبحُ منْ أهلِ ولايةِ اللهِ ورعايتهِ، ومحطَّ رحمتهِ ومنزلَ نعمتهِ. وهذاَ أقصَى مَا يطلبهُ المسلمُ ويتمنَّاهُ طولَ الحياةَ.

ونزيد على ما ذكره الشيخ رحمه الله:

7- تصديق الله فيما أخبر به سبحانه.

يقول سبحانه: وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثا النساء/87، ومن أدب المؤمن مع ربه أنه يصدق بكل ما أخبر به ربه سبحانه من الأخبار الماضية والقادمة، الغائبة والحاضرة، تصديقًا لا ريب فيه ولا مراء.

8- التسليم والانقياد.

قال تعالى:  وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا الأحزاب/36.

فالمؤمن يتأدب بين يدي ربه فيصدق بالأخبار وينقاد للأحكام، فلا يعارض أمر الله ونهيه برأي من عنده، ولا يكون له اختيار إلا امتثال ما أمر الله به والانتهاء عما نهى الله عنه.

9- الرضا بقضاء الله.

قال تعالى لموسى عليه السلام: فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ الأعراف/144، وقال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ القمر/49، فإذا علم المؤمن أن كل شيء بقضاء الله وقدره؛ كان من تمام أدبه مع الله سبحانه وتعالى أن يرضى بهذا القضاء.

10- اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم :

قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ آل عمران/31، فإذا كان اتباع النبي صلى الله عليه وسلم هو علامة محبة الله سبحانه وتعالى؛ فهو بلا شك من أولى الآداب التي يجب أن يتأدب بها المسلم مع الله سبحانه وتعالى.

وينظر للفائدة.
وأيضا.
ثالثًا:

فيما يتعلق بالكتب التي يُنصح بها في الأخلاق فهذه قائمة بأهمها:

1- أحاديث الأخلاق، للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد.

2- الأخلاق الفاضلة، للدكتور عبد الله الرحيلي.

3- شخصية المسلم، لمحمد علي الهاشمي.

4- شخصية المسلمة، لمحمد علي الهاشمي.

5- مختصر موسوعة الأخلاق، صادر عن مؤسسة الدرر السنية.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب