الخميس 12 محرّم 1446 - 18 يوليو 2024
العربية

ما حكم منع الزوج زوجته من التصرف في تجارتها؟

446342

تاريخ النشر : 14-06-2023

المشاهدات : 1878

السؤال

أنا صيدلانية، ومن حقي فتح صيدليتين، وكان والدي اتفق معي من زمان أن يفتح صيدلية من ماله الخاص، وأقوم أنا على إدارتها، ونسبة الأرباح تكون بيني أنا وأخواتي، ولما تكلم مع زوجي في الموضوع فيقول إن أمرا مثل هذا يفترض أن يطلب منه هو، وليس مني أنا، وأنا أصريت أن دي تراخيص من حقي، واتفاق بيني وبين والدي، ولا يجب على والدي أن يطلب من زوجي هذا الأمر. الآن أريد معرفة هل لزوجي الحق فيما يقول أم لا؟

الجواب

الحمد لله.

للمرأة العاقلة الرشيدة ، الحق في أن تتصرف في مالها وتتاجر، وليس لزوجها أن يمنعها من ذلك.

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

"... معنى كتاب الله عز وجل والسنة والآثار والقياس: من أن صداقها مال من مالها، وأن لها إذا بلغت الرشد أن تفعل في مالها ما يفعل الرجل، لا فرق بينها وبينه " انتهى من "الأم" (4 / 457).

وقال المازري رحمه الله تعالى:

" أما تمكين الزوج من الحجر على زوجته في بيعها وشرائها من غير محاباة: فلا خلاف أن ذلك ليس من حقه.

وأمّا تمكينه من الحجر عليها في الهبات والعطايا، فإنه مِمّا اختلف الناس فيه ... " انتهى من "شرح التلقين" (3 / 1 / 235).

ولكن إن كان تصرفها في التجارة والعمل يلزم منه الخروج من البيت، ففي هذه الحال ليس لها أن تخرج إلا بإذن زوجها.

جاء في "المدونة" (4/ 73):

" قلت: أرأيت امرأة رجل أرادت أن تتجر، ألزوجها أن يمنعها من ذلك؟

قال مالك: ليس له أن ‌يمنعها ‌من ‌التجارة، ولكن له أن يمنعها من الخروج " انتهى من "المدونة" (5 / 222).

وبناء على هذا:

فإنكار زوجك عليك، إن كان بسبب خروجك للعمل والتجارة بدون إذنه، فهذا له الحق فيه، فالزوجة لا تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها.

وأما إن كان لا يعارض في خروجك لتجارتك، أو للعمل في وظيفتك، من حيث الأصل، وإنما ينكر عليك بأنك لم تشركيه في أمر إدارة عملك، فهذا ليس من حقه، كما سبق بيانه، خاصة وأن شريكك في هذه التجارة هو والدك وهو محرم لك وليس بأجنبي، فلا يخشى منه ريبة أو فتنة.

لكن من النصيحة لمثلك في مثل هذه المواقف، هو أن تترفقي مع زوجك، وتستعملي الحكمة والكلام الطيب، والأسلوب الحسن، وهذا يوصلك بإذن الله تعالى إلى ما ترغبين، مع الحفاظ على تماسك الأسرة وتآلف القلوب.

وإن رأيت أن والدك لو طلب ذلك من زوجك، طابت نفسه، وحصلت المصلحة: فليس من الحكمة التشدد في مثل ذلك، بل ينبغي لوالدك أن يفعل ذلك، تطييبا لقلب زوجك، وطلبا لحسن العشرة بينكما، ودفع نزغات الشيطان؛ فإن الشيطان حريص على تفرق شمل الأسرة في مثل هذه الأحوال.

كما في حديث جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ ) رواه مسلم (2813).

ومن أعظم ما يفتح الباب للشيطان هو عدم الإحسان في التخاطب والنقاش وأثناء الخلاف.

قال الله تعالى:

( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ) الإسراء/53.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة " انتهى من "تفسير ابن كثير" (5 / 86 - 87).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب