الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

قريبه فقير لكن يؤذيه، فهل يقطع عنه الصدقة؟

451162

تاريخ النشر : 24-05-2023

المشاهدات : 1514

السؤال

كنت أتصدق على بعض من خالاتي من حين لآخر عن طريق أمي ومنذ أيام قليلة تفاجئت برفعهم قضية على والدتي وأخواتها الآخرين بحجة منعهم من الميراث وأشهد الله أنه كذب، وطلبوا بيانات والدتي وأعطتهم إياها بحسن نية منها، واستخدموا تلك البيانات لاستلام محضر القضية وقاموا بالتوقيع مكانها مع وجود تفاصيل أخرى لا أريد الدخول فيها.
أريد إخراج زكاة الفطر، ولا أريد إعطاءهم إياها لما فعلوه مع والدتي، فهل أدخل في قوله تعالى "وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"؟

الجواب

الحمد لله.

قال الله تعالى:

( وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور (22).

وقد جاء عند البخاري (4750) ومسلم (2770) في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن قصة حادثة الإفك:

"قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: ( وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ).

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللهِ ‌إِنِّي ‌أُحِبُّ ‌أَنْ ‌يَغْفِرَ ‌اللهُ ‌لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا".

وهذه الآية قد نص المفسرون على أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كما يدل الحديث السابق.

قال الواحدي رحمه الله تعالى:

" ( أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ ) يعني: أولو الغنى والسعة في المال وهو أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه في قول جميع المفسرين " انتهى. "البسيط" (16 / 173).

لكن نزولها في أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، لا يعني أن حكمها خاص به، أو بقصة الإفك، فالعلماء يقولون: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالآية تتناول كل قريب أساء له قريبه، فعليه أن يقابل الإساءة بالغفران والإحسان وعدم قطع الرحم.

قال ابن عطية رحمه الله تعالى:

" الآية تتناول الأمة إلى يوم القيامة؛ بألا ‌يغتاظ ‌ذو فضل وسعة، فيحلفَ أن لا ينفع مَن هذه صفتُه غابرَ الدهر " انتهى. "المحرر الوجيز" (4 / 173).

وهذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمن له قرابة يسيئون إليه، أن يصبر على الأذى ويقابله بالإحسان.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ( أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ) رواه مسلم (2558).

وهذه حقيقة صلة الرحم الكاملة؛ أن تتصدق على هؤلاء القرابة رغم ما يصدر عنهم من الأذى.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ) رواه البخاري (5991).

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

" اعلم أن المكافئ: مقابل الفعل بمثله.

والواصل للرَّحم لأجل الله تعالى: يصلها تقربا إليه، وامتثالا لأمره وإن قطعت.

فأما إذا وصلها حين تصله فذاك كقضاء دين، ولهذا المعنى قال: ( أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ ) - الْكَاشِح: الْمُبْغِضُ الْمُعَادِي -، وهذا لأن الإنفاق على القريب المحبوب مشوب بالهوى , فأما على المبغض فهو الذي لا شوب فيه " انتهى. "كشف المشكل" (4 / 120 – 121).

وللفائدة تحسن مطالعة جواب السؤال رقم (93845).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب