الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

كيف نتعامل مع من يفعل البدع في الحرمين؟

457755

تاريخ النشر : 20-06-2023

المشاهدات : 2280

السؤال

كيف نتعامل مع أهل البدع داخل الحرمين ممن يضعون الحجارة لغرض السجود عليها أو التبرك بأستار الكعبة المشرفة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

السجود على الحجر مما تميزت به بعض طوائف أهل البدع، ولا أصل له في شريعتنا، وهو حجر يزعمون أنه من كربلاء لكي يسجدوا عليه.

والتبرك بأستار الكعبة من البدع التي راجت عند العوام، ولا أصل لها في الشرع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" قد ثبت باتفاق أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج البيت لم يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين، فلم يستلم الركنين الشاميين ولا غيرهما من جوانب البيت، ولا مقام إبراهيم ولا غيره من المشاعر، وأما التقبيل فلم يقبل إلا الحجر الأسود " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/335).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

" التمسح بالمقام أو بجدران ‌الكعبة ‌أو ‌بالكسوة: كل هذا أمر لا يجوز، ولا أصل له في الشريعة، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قبّل الحجر الأسود واستلمه، واستلم جدران الكعبة من الداخل، لما دخل الكعبة ألصق صدره وذراعيه وخده في جدارها، وكبر في نواحيها ودعا.

أما في الخارج فلم يفعل صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك فيما ثبت عنه، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه التزم الملتزم بين الركن والباب، ولكنها رواية ضعيفة، وإنما فعل ذلك بعض الصحابة رضوان الله عليهم، فمن فعله فلا حرج، والملتزم لا بأس به، وهكذا تقبيل الحجر سنة.

أما كونه يتعلق بكسوة الكعبة أو بجدرانها أو يلتصق بها، فكل ذلك لا أصل له ولا ينبغي فعله؛ لعدم نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك التمسح بمقام إبراهيم أو تقبيله كل هذا لا أصل له ولا يجوز فعله؛ لأنه من البدع التي أحدثها الناس" انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (17/221).

ثانيا:

الإنكار على أهل البدع هو ضرب من الدعوة إلى الله تعالى، والمأمور فيها الإحسان والرفق واللين.

قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ النحل/125.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى: " أي : ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم ، إلى سبيل ربك المستقيم ، المشتمل على العلم النافع ، والعمل الصالح ( بِالْحِكْمَةِ ) أي : كل أحد على حسب حاله وفهمه وقوله وانقياده...

فإن كان المدعو يرى أن ما هو عليه حق ، أو كان داعيه إلى الباطل ، فيجادل بالتي هي أحسن ، وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلا ونقلا.

ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها ، فإنه أقرب إلى حصول المقصود ، وأن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها ، ولا تحصل الفائدة منها ، بل يكون القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها " انتهى . "تفسير السعدي" (ص 452).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" الحكمة: وذلك بأن تنزل الأمور منازلها، في الوقت المناسب، والكلام المناسب، والقول المناسب، لأن بعض الأماكن لا تنبغي فيها الموعظة، وبعض الأزمنة لا تنبغي فيها الموعظة، وكذلك بعض الأشخاص لا ينبغي أن تعظهم في حال من الأحوال بل تنتظر حتى يكون مهيئا لقبول الموعظة " انتهى من " شرح رياض الصالحين" (4/73).

وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: عن التعامل مع أهل البدع؟

فقال: "عاملهم بما يعاملونك به، إذا سلموا فرد عليهم السلام، ولا يحسن أن يطردوا من المسجد، بل ربما يكون بعضهم من العامة الذين لا يعرفون شيئاً وقد ضللهم علماؤهم؛ فيمكنكم أنتم باللباقة والدعوة بالتي هي أحسن أن تؤثروا عليهم.

واستعمال العنف بين الناس أمر غير وارد، والله سبحانه وتعالى يحب الرفق في الأمر كله، فأنتم الآن لو تصادمتم معهم وقلتم: لا تسجدوا على ورق لا تسجدوا على حجر وما أشبه ذلك، لو كان الأمر ينتهي إلى هذا ثم ينتهون؛ لكان الأمر طيباً، لكن سوف يزيدون، ‌وسوف ‌تكون ‌العداوة ‌والبغضاء ‌بينكم ‌أشد.

فالذي أرى: أن الواجب أولاً نصحهم، لاسيما العوام، والنصح ليس معناه أن تهاجم مذهبهم وملتهم الفاسدة الباطلة، لا.

النصح أن تبين لهم الحق وتبين لهم السنة" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (80/ 11 بترقيم الشاملة".

لكن يشرع منعهم باليد وبرفق متى كانت تصرفات أهل البدع هؤلاء تضر بالمصلين والطائفين، كتزاحم بعضهم على التمسح بأستار الكعبة مما يعيق حركة الطائفين خاصة في المواسم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب