السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

ما حكم التحدث والضحك ورفع الصوت بالقرب من الجنائز؟

457816

تاريخ النشر : 19-05-2023

المشاهدات : 5337

السؤال

ما حكم التحدث والضحك ورفع الصوت بالقرب من الجنائز؟

الجواب

الحمد لله.

لا ينبغي التحدث والضحك ورفع الصوت بالقرب من الجنازة لأمور:

الأول: أن هذا مناف للاتعاظ والاعتبار بالموت، ودليل على الغفلة وقسوة القلب.

والموت له هيبته، والجدير بمن يرى الجنائز التفكر في حاله ومآله.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عظّم أمر الجنائز، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "مرّ بنا جنازة فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم فقمنا معه فقلنا: يا رسول الله! إنها جنازة يهودي؟ قال: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا). البخاري (1249).

وجاء في بعض الروايات: فقيل له: إنه يهودي فقال: (أليست ‌نفسًا) أحمد (23842) وصححها محققو المسند.

وفي بعض الروايات" فقلت: يا رسول الله، إنما هي ‌جنازة ‌يهودية فقال: (إنّ للموت فزعاً) النسائي (1922)، وصححه الألباني في "صحيح النسائي" (1814).

قال القرطبي رحمه الله: "أي يفزع إليه ومنه، وهو تنبيه على استذكاره وإعظامه وجعله من أهم ما يخطر بالإنسان.

‌والمقصود ‌من ‌هذا ‌الحديث ‌ألا ‌يستمرَّ ‌الإنسان ‌على ‌غفلته ‌عند ‌رؤية ‌الميت، فإنه إذا رأى الميت ثم تمادى على ما كان عليه من الشغل كان هذا دليلا على غفلته وتساهله بأمر الموت" انتهى من "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (2/620).

ورأى عبد الله بن مسعود ‌رجلا ‌يضحك ‌في ‌جنازة فقال: "أتضحك وأنت تتبع جنازة، والله لا أكلمك أبدا" البيهقي في "شعب الإيمان" (9271).

قال ابن قدامة رحمه الله: "ويستحب لمتبع الجنازة أن يكون متخشعا، متفكرا في مآله، متعظا بالموت، وبما يصير إليه الميت، ولا يتحدث بأحاديث الدنيا، ولا يضحك.

قال سعد بن معاذ: ما تبعت جنازة فحدثت نفسي بغير ما هو مفعول بها" انتهى من "المغني" (2/354).

وروى ابن أبي الدنيا بإسناده في كتابه القبور ص 78: "عن قتادة قال بلغنا أن أبا الدرداء نظر إلى رجل يضحك في جنازة فقال: أما كان فيما رأيت من هول الميت ما شغلك عن الضحك.

وعن عن رجل من ولد الحسن قال: شهدنا مع الحسن جنازة فرأى رجلا يحدث صاحبه ويتبسم إليه، فقال: يا سبحان الله أما كان في الذي بين يدك مشتغل عن التبسم.

قال الحسن: كانوا يعظمون الموت أن يرفع عنده صوت" انتهى.

فينبغي لمن رأى جنازة أن يتذكر الموت، وأنه صائر إليه، وأن ينظر في عمله وما قدم، ومن فعل ذلك غلب عليه الحزن والقلق، فلم يكن لديه متسع للضحك والكلام فيما لا ينفع.

رزقنا الله التذكر والاعتبار، ووقانا القسوة والغفلة.

وقال عبد الحق الإشبيلي رحمه الله: "وقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم بخلاف هذا، كانوا إذا رأوا الجنائز نظروا إليها نظر المعتبرين، وتكلموا عندها بكلام الموفقين، وكانوا يقولون القول ويعملون بمقتضاه.

ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان إذا رأى جنازة قال: امض ونحن على أثرك.

وكان مكحول الدمشقي رحمه الله إذا رأى جنازة قال: ‌اغد، ‌فإنا ‌رائحون، ‌موعظة ‌بليغة، وغفلة سريعة، يذهب الأول والآخر لا عقل له" انتهى من "العاقبة في ذكر الموت" (ص153).

الثاني: أن فيه أذى لأهل الميت، وعدم مراعاة لمصابهم، فلا يليق بالمسلم أن يضحك وإلى جواره من هو محزون مبتلى بفقد غالٍ عليه.

ومن حق المسلم مواساته والتوجع لمصابه، وقد روى أحمد (22877) عن سَهْلِ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ) وصححه شعيب الأرنؤوط.

الثالث: أن الجنازة إن كانت في المسجد فرفع الصوت فيه مكروه، وكذلك الكلام بأمور الدنيا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب