الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

غسل الكفين عند القيام من النوم، هل يغني عنه غسل الكفين أول الوضوء؟

463508

تاريخ النشر : 07-02-2024

المشاهدات : 1518

السؤال

عند الاستيقاظ من النوم هل يجب أن يغسل كفيه، أو يكفيه غسلهما عند بداية الوضوء؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

غسل الكفين إلى الرسغين في أول الوضوء سنة اتفاقا، إلا للقائم من النوم، ففي وجوب غسلهما حينئذ خلاف.

ثانيا:

جاء الأمر بغسل يدي القائم من النوم، كما روى البخاري (162)، ومسلم (278) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ.

وذهب الجمهور إلى أن غسلهما مستحب ليس واجبا، وأن النهي عن غمس اليدين في الإناء قبل غسلهما للتنزيه.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (35/30): "اتفق الفقهاء على مشروعية غسل الكفين إلى الكوعين في أول الوضوء لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقد روى عثمان بن عفان رضي الله عنه وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء ولكنهم اختلفوا في حكم الغسل عند القيام من النوم وذلك بعدما اتفقوا على أن غسلهما من سنن الوضوء لغير القائم من النوم.

فذهب الحنفية والمالكية والشافعية وهو رواية عن أحمد إلى أن غسل الكفين سنة من سنن الوضوء سواء قام المتوضئ من نوم أو لم يقم من نوم، وسواء كان هذا النوم من نوم الليل أو من نوم النهار، لأن آية الوضوء لم تذكر غسل الكفين من بين الفروض والواجبات، ولأن الحديث يدل على الاستحباب لتعليله بما يقتضي ذلك وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده"، حيث إن طروء الشك على اليقين لا يؤثر فيه" انتهى.

وذهب الحنابلة إلى وجوب غسلهما بنية وتسمية، إذا نام ليلا نوما ينقض الوضوء، وأنه لا يجزي عن ذلك غسلهما في الوضوء، ولا تجزئ نية الوضوء عن نية غسلهما.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/46): "(سنن وضوء) جمع سنة. وهو ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه... (وغسل يدي غير قائم من نوم ليل ناقض لوضوء) لفعله صلى الله عليه وسلم، كما ذكره عثمان، وعلي، وعبد الله بن زيد في وصفهم وضوءه صلى الله عليه وسلم، وتنظيفا لهما احتياطا لنقلهما الماء إلى الأعضاء.

(ويجب) غسلهما (لذلك) أي: القائم من نوم ليل ناقض لوضوء (تعبدا) لحديث " إذا استيقظ أحدكم " وتقدم (ثلاث) فلا يجزئ مرة ولا مرتين (بنية شرطت) لحديث إنما الأعمال بالنيات .

(وتسمية) واجبة مع الذكر، كالوضوء، وهي طهارة مفردة ليست من الوضوء؛ لأنه يجوز تقديمها عليه بالزمن الطويل. ولا تجزئ نية الوضوء عن نية غسلهما.

وغسلهما لمعنى فيهما، فلو استعمل الماء، ولم يدخل يده في الإناء لم يصح وضوءه، وفسد الماء.

فإن كان كثيرا وتوضأ أو اغتسل منه بالغمس فيه ولم ينو غسلهما ارتفع حدثه، ولم يجزئه عن غسلهما، ذكره في الشرح ملخصا (ويسقط غسلهما) سهوا. قلت: وكذا جهلا؛ لحديث: عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان (و) تسقط (التسمية) فيه (سهوا) كالوضوء وأولى" انتهى.

وعلى مذهب الحنابلة: يغسل يديه للقيام من النوم بنية وتسمية، ثم ينوي الوضوء ويسمي ويغسل كفيه ثلاثا سنة الوضوء.

قال ابن قاسم في "حاشية الروض" (1/168): "فعلى هذا يغسل يديه ثلاثا للنوم، وثلاثا لسنة الوضوء؛ لظاهر الحديث" انتهى.

ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن الغَسل واجب، فيأثم بتركه، لكن لا يفسد الماء القليل بغمسهما فيه دون غسل، ويصح الوضوء.

 قال رحمه الله: "وفي قوله: فإن أحدكم لا يدري أين باتت يدُه، دليل على أنَّ الماء لا يتغيَّر الحكم فيه؛ لأن هذا التَّعليلَ يدلُّ على أن المسألةَ من باب الاحتياط، وليست من باب اليقين الذي يُرفَعُ به اليقينُ.

وعندنا الآن يقينٌ؛ وهو أن هذا الماء طَهُورٌ، وهذا اليقينُ لا يمكنُ رفعُه إلا بيقين، فلا يُرفَعُ بالشَّكِّ... والصَّواب أنه طَهُور؛ لكن يأثم من أجل مخالفته النهي؛ حيث غمسها قبل غسلها ثلاثاً" انتهى من "الشرح الممتع" (1/50).

والحاصل: أنه على مذهب الجمهور لو لم يغسل كفيه عند قيامه من النوم، واكتفى بغسلهما في الوضوء، فقد ترك مستحبا.

وأما على مذهب الحنابلة فإنه يكون قد ترك واجبا، فإن كان الماء قليلا-أقل من القلتين-، وتوضأ منه دون غسلهما، سُلب الماء الطهورية، ولم يصح الوضوء.

والأقرب من كلام أهل العلم، في هذه المسألة: أن غسل اليدين عند القيام من النوم: مستحب، وليس بواجب، كما هو قول جمهور العلماء، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله.

وينظر للفائدة: "موسوعة أحكام الطهار" للشيخ أبي عمر الدبيان (1/181) وما بعدها.

ثم إن غمس اليدين في الماء: لا يسلبه الطهورية، حتى على القول أن غسلهما واجب؛ فإنه لا دليل على زوال طهورية الماء، والأصل الطهارة، فلا تزول إلا بيقين.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (228607).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب