الاثنين 17 جمادى الأولى 1446 - 18 نوفمبر 2024
العربية

لماذا عاتب الله يونس عليه السلام على ترك قومه ولم يعاتب إبراهيم عليه السلام؟

463885

تاريخ النشر : 06-02-2024

المشاهدات : 5369

السؤال

لماذا عاقب الله تعالى نبيه يونس عليه السلام بأن التقمه الحوت، لأنه ترك دعوة قومه دون إذن من الله تعالى، وفي نفس الوقت لم يعاقب الله سبحانه إبراهيم عليه السلام، فهو أيضا ترك دعوة قومه عندما قال : (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فما السبب؟

الجواب

الحمد لله.

هاجر إبراهيم عليه السلام وترك قومه، وكذا فعل محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يعاتبهما الله تعالى كما عاتب يونس عليه السلام؛ لأنهما هاجرا إلى الله؛ بإذن الله.

قال الله تعالى: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ العنكبوت/26- 27.

وقال تعالى:  فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ * وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ  الصافات/98-100.

والدليل على أن هجرة إبراهيم كانت بإن الله، أن الله تعالى أثنى عليه، وذكر هجرته وذهابه دون إنكار.

وأما النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري (2138) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " لَقَلَّ يَوْمٌ كَانَ يَأْتِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا يَأْتِي فِيهِ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ أَحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي الخُرُوجِ إِلَى المَدِينَةِ، لَمْ يَرُعْنَا إِلَّا وَقَدْ أَتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا لِأَمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ، يَعْنِي عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، قَالَ:  أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ ؟ قَالَ: الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الصُّحْبَةَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي نَاقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ( فجعلناهم الأسفلين * وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين ) إبراهيم قال معلنا هجرته من بلدهم إلى بلد الشام، وإنما قال ذلك لأنهم بلغوا إلى حد يكون به اليأس من هدايتهم؛ فإن قوما أضرموا النار ليحرقوا بها داعيهم إلى الله لا يرجى فيهم خير ولهذا قال: (إني ذاهب إلى ربي سيهدين).

فإن قلت: هل أمر بذلك، أو أذن له بذلك؟

فالجواب نعم، أذن له بذلك، والدليل: أن الله سبحانه وتعالى أقره، فلم ينكر عليه.

لكن يونس عليه الصلاة والسلام، لما ذهب من غير أن يؤذن له، بين الله سبحانه أن ذهابه عن غير إذن، فقال: ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت)؛ ولما ذكر هجرة إبراهيم لم يذكر ما فيه انتقاد عليه" انتهى من "تفسير سورة الصافات"، ص 221.

وقال القرطبي رحمه الله في بيان ما كان من يونس عليه السلام: " وقول النحاس أحسن ما قيل في تأويله؛ أي خرج مغاضبا من أجل ربه، أي غضب على قومه من أجل كفرهم بربه. وقيل: إنه غاضب قومه حين طال عليه أمرهم وتعنتهم؛ فذهب فارا بنفسه، ولم يصبر على أذاهم، وقد كان الله أمره بملازمتهم والدعاء.

فكان ذنبه خروجه من بينهم من غير إذن من الله.

روي معناه عن ابن عباس والضحاك...

وقال القشيري: والأظهر أن هذه المغاضبة كانت بعد إرسال الله تعالى إياه، وبعد رفع العذاب عن القوم بعد ما أظلهم، فإنه كره رفع العذاب عنهم. " انتهى من "تفسير القرطبي" (11/ 329).

والله أعلم.

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب