الحمد لله.
إذا قال الإنسان: " طلعتوا الواحد عن دينه"، أو نحو ذلك من العبارات التي فيها أنه خرج من الدين: فإن أراد حقيقة القول، وأنه خرج من الدين بسبب كلام الغير أو استفزازه: خرج من الدين، وارتد، والعياذ بالله.
وكذا لو عزم على الخروج من الدين، كفر في الحال؛ لأن العزم على الكفر كفر.
قال النووي رحمه الله : " والعزم على الكفر في المستقبل: كفر في الحال.
وكذا التردد في أنه يكفر أم لا؛ فهو كفر في الحال.
وكذا التعليق بأمر مستقبل كقوله : إن هلك مالي أو ولدي تهودت أو تنصرت" انتهى من "روضة الطالبين" (10/ 65).
قال الرملي في "نهاية المحتاج" (7/ 416) : "(أو) (عزم على الكفر غدا) مثلا (أو تردد فيه)، أيفعله أو لا: (كفر) حالا" انتهى.
وإن لم يرد أنه خرج من الدين حقيقة، ولا أنه سيخرج، وإنما أراد: أنه أوشك أن يخرج من الدين، أو أن هذا الكلام والاستفزاز يخرج الإنسان من الدين، أو يضطره للخروج من الدين، أو يخرجه من خلقه، أو عمله، أو طبعه الملائم لدينه: لم يكفر بذلك.
وإنما يكون قوله هذا: مبالغةً قبيحةً. وهي في العادة والمعروف من أحوال الناس وأخلاقهم: لا يتكلم بها إلا السفهاء، وساقطوا الأخلاق من الناس. ولا تصدر من عاقل مدرك خطر لسانه؛ فإن المؤمن يبتلى بما هو أعظم من ذلك، فلا يخطر بباله مسألة الخروج من الدين، ولا يجعل دينه عرضة للخصومات، والقيل والقال.
والغالب على من يقول ذلك: أنه يجاري السفهاء في هذا التعبير، ولا يخطر بباله شيء عن الدين، ولا الخروج منه؛ إذ لا علاقة لما يصيبه من الأذى بدينه.
والواجب الحذر من هذه الكلمات التي يلقيها الشيطان على الألسنة، فرب كلمة أوبقت صاحبها، وهو لا يدري.
روى البخاري (6478)، ومسلم (2988) عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ).
وروى البخاري (6477)، ومسلم (2988) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ).
والله أعلم
تعليق