الحمد لله.
إذا تصدق المسلم بصدقة، وأعطاها للفقير ، فإنه لا يجوز له أن يرجع فيها ولا أن يستردها إذا أراد الذي تصدق عليه أن يرجعها. فما أخرجه الإنسان على أنه صدقة لوجه الله، فلا يجوز له أن يعود فيه.
فعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: مثَل الذي يرجِعُ في صَدَقَتِه، كمثَلِ الكَلبِ يَقيءٌ، ثم يعودُ في قَيئِه فيأكُلُه رواه مسلم (1622).
وعن عبد اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّاب تصدَّقَ بفَرَسٍ في سبيلِ الله، فوجَدَه يُباعُ، فأراد أن يَشتَرِيَه، ثم أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فاستأمَرَه، فقال: لا تعُدْ في صَدَقَتِك رواه البخاري (1489).
قال ابنُ حجر رحمه الله: "أمَّا الصَّدقةُ، فاتَّفقوا على أنَّه لا يجوزُ الرُّجوعُ فيها بعد القَبضِ". انتهى من "فتح الباري" (5/235). أي بعد أن يستلمها الذي تصدقت عليه.
قال ابن قدامة رحمه الله: "وَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَصَدِّقِ الرُّجُوعُ فِي صَدَقَتِهِ، فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا" انتهى من "المغني" (8/279).
ثانياً:
الحالة التي يجوز للإنسان أن يقبل فيها إرجاع الصدقة ممن تصدق عليه إذا كانت زكاة واجبة، وكان حين أخذها من تصدق عليه غير مستحق، وأخبر المتصدق بذلك، فحينئذ يجوز له أخذها منه، وصرفها في محل استحقاقها مباشرة، ولا يأخذ منها لنفسه شيئاً.
قال البهوتي رحمه الله: "ولو دفع صدقةَ التطوُّع إلى غنيٍّ، وهو لا يعلم غناه: لم يرجع؛ لأن المقصود الثواب، ولم يَفُتْ، بخلاف الزكاة إذا دفعها لكافر ونحوه؛ لأن المقصود إبراء الذمة بالزكاة، ولم يحصل، فيملك الرجوع" انتهى من "كشاف القناع" (2/295).
وهذه الصورة الأخيرة بعيدة في صورة سؤالك، وذكرناها إتماما للمسألة.
وعليه: فما حصل منكِ من قبول الرجوع في الصدقة غير جائز ، فإن كان قد حولها لكِ فأعيديها إليه، فإن رفضها، فأخرجيها صدقة حال وصولها إليكِ، ولا تنتفعي منها بشيء.
والله أعلم.
تعليق