الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

ما معنى حديث (من لم يوتر فليس منا)؟

472907

تاريخ النشر : 10-12-2023

المشاهدات : 6898

السؤال

ما شرح حديثي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يوتر فليس منا)، وحديث: ( إن الله قد زادكم صلاة، وهي: الوتر)؟

ملخص الجواب

حديث (من لم يوتر فليس منا) ضعيف ولا يصح، وحديث (إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر) له طرق صحيحه، ومعناه إنّ الله أعطاكم وأمدكم، وليس فيه دليل على وجوب صلاة الوتر، فلفظ زادكم غير زاد عليكم، كما إن النصوص الأخرى الصحيحة والصريحة، وما نقله المروزي من الإجماع يدل على عدم وجوبها قطعا.

الجواب

الحمد لله.

أولاً

بالنسبة للحديث الأول:  من لم يوتر فليس منا : فهذا الحديث ضعيف.

فقد رواه أبو داود في سننه من حديث بريدة.

قال: حدثنا ابن المثنى، حدثنا أبو إسحاق الطالقاني، حدثنا الفضل بن موسى، عن عبيد الله بن عبد الله العتكي عند أبي داود "عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوتر حق، فمن لم يوتر، فليس منا، الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا السنن (1419).

قال ابن حجر رحمه الله: "وفيه عبيد الله بن عبد الله العتكي يكنى أبا المنيب ضعفه البخاري" التلخيص الحبير" (2/ 52).

 وقال الشيخ الألباني رحمه الله: في "ضعيف أبي داود": إسناده ضعيف؛ العتكي فيه ضعف (256).

 ورواه أيضا: الإمام أحمد في المسند من حديث أبي هريرة.

فقال: "حدثنا وكيع، قال: حدثني خليل بن مرة، عن معاوية بن قرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ‌من ‌لم ‌يوتر فليس منا " أحمد (9717).

قال الزيلعي رحمه الله في نصب الراية: "وهو منقطع، قال أحمد: لم يسمع معاوية بن قرة من أبي هريرة شيئا، ولا لقيه، والخليل بن مرة ضعفه يحيى، والنسائي، وقال البخاري: منكر الحديث" انتهى من "نصب الراية" (2/113).

وينظر أيضا: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (2/405-406)، البدر المنير، لابن الملقن (4/347)، "إرواء الغليل" (2/146) برقم (417).

فالحديث فيه ضعف لا يرقى معه لدرجة الاحتجاج.

وأما معناه: فالمراد بلفظة "ليس منا" أي ليس على طريقتنا وسنتنا.

قال الصنعاني رحمه الله: "ومعنى ليس منا: ليس على سنتنا وطريقتنا" انتهى من "سبل السلام" (2/ 348).

وقد دلت الأحاديث الصحيحة الصريحة على أن الوتر سنة مؤكدة، وليس بواجب. فعلى قول من يقوي هذا الحديث من أهل العلم، كالحاكم وغيره = يكون المراد بأنه : ( حق ) : تأكد سنيته، والحث على عدم التهاون به.

قال الخطابي رحمه الله: "معنى هذا الكلام: التحريض على الوتر، والترغيب فيه.

وقوله : ( ليس منا ) : معناه من لم يوتر رغبة عن السنة: فليس منا.

وقد دلت الأخبار الصحيحة على أنه لم يُرد بالحق : الوجوبَ الذي لا يسع غيرُه .

منها : خبر عبادة بن الصامت لما بلغه أن أبا محمد - رجلا من الأنصار - يقول : (الوتر حق)، فقال: (كذب أبو محمد). ثم روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدد الصلوات الخمس...

وقد ‌أجمع ‌أهل ‌العلم ‌على ‌أن ‌الوتر ‌ليس ‌بفريضة؛ إلاّ أنه يقال إن في رواية الحسن بن زياد، عَن أبي حنيفة أنه قال: هو فريضة. وأصحابه لا يقولون بذلك. فإن صحت هذه الرواية، فإنه مسبوق بالإجماع فيه" انتهى، من "معالم السنن" (1/286).

وقال الصنعاني: "والحديث محمول على تأكد السنية للوتر، جمعا بينه وبين الأحاديث الدالة على عدم الوجوب" انتهى من "سبل السلام" (2/348).

وقال الشيخ عبد الله الفوزان حفظه الله: "على فرض صحته، فهو محمول على تأكيد سنية الوتر، جمعاً بينه وبين الأحاديث الدالة على عدم الوجوب، وهي أصح منه سنداً وأصرح دلالة" انتهى من "منحة العلام" (3/313).

ثانيا:

أما بالنسبة للحديث الثاني:

فقد رواه أحمد بسنده قال: حدثنا علي بن إسحاق، حدثنا عبد الله يعني ابن المبارك، أخبرنا سعيد بن يزيد، حدثني ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني، أن عمرو بن العاص، خطب الناس يوم الجمعة فقال: إن أبا بصرة حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر، ‌فصلوها ‌فيما ‌بين ‌صلاة ‌العشاء إلى صلاة الفجر أحمد (23851).

قال الشيخ الألباني رحمه الله: "فهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم" انتهى من "إرواء الغليل" (2/ 158). وينظر: "حاشية المسند" ط الرسالة (39/271).

ومعنى زادكم: فسرته الروايات الأخرى، بأنه بمعنى أعطاكم وأمدكم.

قال النووي رحمه الله: "وراه أبو داود والترمذي بلفظ (أمدكم) من رواية خارجة بن حذافة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر، فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر) هذا لفظ رواية أبي داود، وفي رواية الترمذي فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. وفي إسناد هذا الحديث ضعف وأشار البخاري وغيره من العلماء إلى تضعيفه" انتهى من "المجموع شرح المهذب" (4/18).

والحديث فيه بيان فضل الله على العباد بأنه شرع لهم صلاة بين صلاة العشاء والفجر، ولو لم تشرع لكانت مبتدعة، وليس في الحديث دليل على وجوب صلاة الوتر.

قال محمد بن نصر المروزي رحمه الله: "هذا الحديث ليس فيه دليل أنّ صلاة الوتر واجبة، فقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله ‌زادكم ‌صلاة، وإن الله أمدكم بصلاة، إن ثبت ذلك عنه، فإنما يعني: زادكم وأمدكم بصلاة، هي سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مفروضة ولا مكتوبة.

والدليل على ما قلنا: الأخبار الثابتة التي ذكرناها عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلوات المكتوبات في اليوم والليلة هي خمس صلوات، وما زاد على ذلك فتطوع، ثم اتفاق الأمة على ذلك؛ أن الصلوات المكتوبات هي خمس لا أكثر.

ودليل آخر، وهو وتر النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث، وبخمس، وسبع، وأكثر من ذلك، فلو كان الوتر فرضا، لكان موقتا معروفا عدده، لا يجوز أن يزاد فيه ولا ينقص منه، كالصلوات الخمس المفروضات.

وكذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر على راحلته، قد ثبت ذلك عنه، وفعله غير واحد من الصحابة والتابعين، وقد أجمعت الأمة على أن الصلاة المفروضة لا يجوز أن تصلى على الراحلة، ففي ذلك بيان أن الوتر تطوع وليس بفرض" انتهى باختصار من "مختصر قيام الليل للمروزي" (ص297).

وقال ابن عبد البر رحمه الله: " ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله ‌زادكم ‌صلاة إلى صلاتكم وهي الوتر" هذا لا حجة فيه على الوجوب؛ لأنه يحتمل أن يكون زادنا في أعمالنا التي نؤجر عليها فضيلة ونافلة، بقوله زادكم، وزاد لكم، ولم يقل زاد عليكم؛ وما لنا، هو خلافُ لما علينا.

ويدل على ذلك قول الله عز وجل حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى البقرة 238 ولو كانت ستا لم تكن فيهن وسطا" انتهى من "الاستذكار" (2/370).

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب