الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل ينصح بقراءة كتاب "المصاحف" لابن أبي داود؟

473803

تاريخ النشر : 17-12-2023

المشاهدات : 3538

السؤال

هل كتاب المصاحف لابن أبي داود ينصح بقرائته، أم فيه نظر؟

ملخص الجواب

ابن أبي داود جماهير أهل العلم مجتمعون على إمامته وبأنه من ثقات المحدثين، وإمام مثل هذا لا شك أن مصنفاته وكتبه مما يحرص عليها أهل العلم دراسة ومطالعة. لكن ابن أبي داود في مصنفه "المصاحف" اكتفى بذكر الآثار بأسانيدها من غير تمميز الصحيح من الضعيف، فلذا على المطالع لهذا الكتاب، أن لا يعتقد بصحة كل ما ورد فيه، بل عليه أن يتثبت في أحكام هذه الآثار بالحرص على مطالعة النسخ المطبوعة التي اهتم محققوها ببيان درجة هذه الآثار، وسؤال أهل العلم فيما يشكل عليه.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

كتاب "المصاحف" هو لابن أبي داود رحمه الله تعالى.

وابن أبي داود هو: أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني توفي سنة ( 316 هـ).

ووالده سليمان بن الأشعث هو الإمام أبو داود صاحب "السنن".

قال الذهبي رحمه الله تعالى: " عبد الله بن سليمان بن الأشعث: الإمام، العلامة، الحافظ، شيخ بغداد أبو بكر السجستاني، صاحب التصانيف " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (13/221).

وهو إمام ثقة.

قال الدارقطني رحمه الله تعالى:

" ثقة، إلا أنه كثير الخطأ في الكلام على الحديث" انتهى من "سؤالات السلمي للدارقطني" (ص223).

وقال الذهبي رحمه الله تعالى:

" والرجل: فمن كبار علماء الإسلام، ومن أوثق الحفاظ رحمه الله تعالى " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (13/233).

لكن يتناقل أهل العلم بعض الأمور التي فيها مذمة له، لكنها ليست قاطعة بتجريحه، وأشهر ذلك ما روي من اتهام والده له بالكذب، لكن والده لم ينص على تكذيبه في رواية الحديث، ولم يتكلم كبار النقاد في مروياته.

قال ابن عدي رحمه الله تعالى:

" وهو مقبول عند أصحاب الحديث. وأما كلام أبيه فيه؛ فلا أدري أَيشٍ تبين له منه " انتهى من "الكامل" (7/119).

وقال الذهبي رحمه الله تعالى: " لعل قول أبيه فيه - إن صح - أراد الكذب في لهجته، لا في الحديث، فإنه حجة فيما ينقله، أو كان يكذب ويوري في كلامه.

ومن زعم أنه لا يكذب أبدا، فهو أرعن، نسأل الله السلامة من عثرة الشباب.

ثم إنه شاخ وارعوى، ولزم الصدق والتقى.

قال محمد بن عبد الله بن الشخير: كان ابن أبي داود زاهدا ناسكا، صلى عليه يوم مات نحو من ثلاث مائة ألف إنسان، وأكثر " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (13/231).

وجماهير أهل العلم متفقون على إمامته.

قال الخليلي رحمه الله تعالى:

" أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني الحافظ الإمام ببغداد في وقته عالم متفق عليه، إمام ابن إمام ... أدركت من أصحابه جماعة واحتج به ممن صنف الصحيح: أبو علي الحافظ النيسابوري وابن حمزة الأصبهاني.

وكان يقال أئمة ثلاثة في زمان واحد: ابن أبي داود ببغداد، وابن خزيمة بنيسابور، وابن أبي حاتم بالري " انتهى من "الإرشاد" (2/610).

وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تعالى:

" فقد ‌أطبق ‌أهل ‌العلم على السماع من ابن أبي داود وتوثيقه والاحتجاج به، ولم يبق معنى للطعن فيه بتلك الحكاية وغيرها مما مرّ.

فروى عنه الحاكم أبو أحمد، والدارقطني، وابن المظفر، وابن شاهين، وعبد الباقي بن قانع حافظ الحنفية، وأبو بكر بن مجاهد المقرئ، وخلق لا يحصَون. وتقدّم قول أبي الفضل صالح ابن أحمد التميمي الهمذاني الحافظ فيه: إمام العراق وعَلَم العلم في الأمصار … " انتهى من "التنكيل – ضمن آثار المعلمي " (10 / 510).

ثانيا:

كتابه "المصاحف" صنفه رحمه الله تعالى لجمع الآثار والأخبار عن جهود الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم في جمع القرآن الكريم في "المصاحف"، وأنواع الجهود المبذولة في الاعتناء بها، مع ذكر جملة من الأحكام المتعلقة بكتاب الله تعالى.

لكن كتاب "المصاحف" هذا مما ذكر فيه ابن أبي داود مروياته من غير تمييز الصحيح فيها من الضعيف، على طريقة كثير من أئمة الحديث في ذلك العصر.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"وقال أبو بكر بن أبي علي: كان الطبراني واسع العلم، كثير التصانيف، وقيل: ذهبت عيناه في آخر عمره رحمه الله تعالى.

وقد عاب عليه إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي جمعه الأحاديث الأفراد، مع ما فيها من النكارة الشديدة والموضوعات، وفي بعضها القدح في كثير من القدماء من الصحابة، وغيرهم.

وهذا أمر لا يختص به الطبراني، فلا معنى لإفراده باللوم، بل أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلم جرا، إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته، والله أعلم " انتهى من "لسان الميزان" (4/128).

ولذا لا بد للمطالع لكتاب "المصاحف" أن يكون له من العلم ما يستطيع به التمييز بين الصحيح والضعيف، أو يطالع النسخ المحققة التي اهتم فيها المحقق ببيان ذلك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب