الخميس 23 شوّال 1445 - 2 مايو 2024
العربية

تعاني من سلسل البول الإلحاحي وتحبس البول فيزداد السلس فهل يعد ناقضا؟

475682

تاريخ النشر : 29-02-2024

المشاهدات : 538

السؤال

أعاني من سلس بول إلحاحي، وفي بعض الأحيان أحبس البول لأسباب عدة، ولكم حينها يزداد السلس، فهل ينتقض وضوئي، ويكون البول الخارج عمدا؛ لأنني أعلم أن السلس يزداد حين أحبس البول؟ وهل تبطل الصلاة عند حبس الأخبثين؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

تكره الصلاة مع مدافعة الأخبثين، البول والغائط؛ لما روى مسلم (560) عن عائشة رضي الله قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ).

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (5/46): " في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله؛ لما فيه من اشتغال القلب به وذهاب كمال الخشوع، وكراهتها مع مدافعة الأخبثين، وهما البول والغائط، ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع.

وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا وغيرهم إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة، فإذا ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة: صلى على حاله، محافظةً على حرمة الوقت، ولا يجوز تأخيرها...

وإذا صلى على حاله وفي الوقت سعة، فقد ارتكب المكروه، وصلاته صحيحة عندنا وعند الجمهور، لكن يستحب إعادتها ولا يجب، ونقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنها باطلة" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "يُكره أن يُصلِّي وهو حاقن، والحاقن هو المحتاج إلى البول، لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الصَّلاةِ في حضرة طعام، ولا وهو يُدافعه الأخبثان.

والحكمة من ذلك: أن في هذا ضرراً بدنيًّا عليه، فإن في حبس البول المستعدِّ للخروج ضرراً على المثانة، وعلى العصب التي تمسك البول، لأنه ربما مع تَضخُّمِ المثانة بما انحقن فيها مِن الماء تسترخي الأعصاب، لأنها أعصاب دقيقة، وربما تنكمش انكماشاً زائداً، وينكمش بعضُها على بعض، ويعجز الإنسان عن إخراج البول، كما يجري ذلك أحياناً.

وفيه أيضاً ضررٌ يتعلَّقُ بالصَّلاة؛ لأن الإنسان الذي يُدافع البول لا يمكن أن يُحضر قلبه لما هو فيه من الصَّلاة؛ لأنه منشغل بمدافعة هذا الخَبَث، وإذا كان حاقباً فهو مثله، والحاقب: هو الذي حَبَسَ الغائط، فيُكره أن يُصلِّي وهو حابس للغائط يدافعه، والعِلَّة فيه ما قلنا في عِلَّة الحاقن، وكذلك إذا كان محتبس الرِّيح فإنه يُكره أن يُصلِّي وهو يدافعها...

وكلام المؤلِّف يدلُّ على أن الصَّلاة في هذه الحال مكروهة؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: لا صلاة ... ، وهل هذا النفي نفي كمال، أو نفي صحة؟

الجواب: جمهور أهل العِلم على أنه نفيُ كمال، وأنه يُكره أن يُصلِّي في هذه الحال، ولو صَلَّى فصلاتُه صحيحة.

وقال بعض العلماء: بل النفيُ نفيٌ للصِّحَّة، فلو صَلَّى وهو يُدافع الأخبثين بحيث لا يدري ما يقول، فصلاتُه غيرُ صحيحة، لأن الأصل في نفي الشَّرع أن يكون لنفي الصِّحَّة، وعلى هذا تكون صلاتُه في هذه الحال محرَّمة؛ لأن كلَّ عبادة باطلة فتلبُّسه بها حرام؛ لأنه يشبه أن يكون مستهزئاً؛ حيث تَلَبَّسَ بعبادة يعلم أنها محرَّمة.

وكلٌّ مِن القولين قويٌّ جدًّا" انتهى من "الشرح الممتع" (3/235).

ومن أضرار حبس البول: "أن حبس البول بشكل متكرر من شأنه أن يسبب مع الوقت ضمور المثانة، وبالتالي الإصابة بمشكلة سلس البول".

وعليه؛ فينبغي لك عدم حبس البول؛ لما فيه من الضرر، وتشوش الذهن في الصلاة، والخلاف في صحة الصلاة.

ثانيا:

سلس البول: هو استمرار نزول البول طول الوقت [أي خروجه دون إرادة الإنسان]، بحيث لا يجد صاحبه وقتا يتسع لطهارته وصلاته، أو انقطاعه في أوقات غير معلومة.

وصاحب السلس يلزمه الوضوء بعد دخول الوقت، وعصْبُ المحل وشدُّه، أو لبس حفاظة؛ لئلا تنتشر النجاسة، ثم يصلي على حاله، ولا يضره ما خرج.

وإذا كان حبس البول يؤدي إلى زيادة الخارج، فلا يعتبر هذا تبولا متعمدا ينقض الوضوء؛ لأن السلس موجود، وغاية الأمر هو زيادة البول، على فرض أن ذلك يحصل حقيقة وليس توهما.

ثالثا:

ما وقفنا عليه بشأن سلس البول الإلحاحي، يغاير السلس المعروف الذي ذكرناه وهو استمرار البول طول الوقت، أو انقطاعه زمنا غير معلوم.

جاء في موقع ويب طب: " تتعدد أعراض سلس البول الإلحاحي، ومن هذه الأعراض نذكر: 

1-الشعور بالحاجة الملحة إلى التبول.

2-التبول بشكل متكرر يزيد عن 8 مرات في اليوم.

3-الاستيقاظ من النوم ليلًا أكثر من مرتين للتبول.

4-تسرب البول عند الذهاب إلى الحمام" انتهى.

فإذا لم يكن البول مستمرا طول الوقت، أو كان ينقطع زمنا معلوما يتسع للطهارة والصلاة، فيجب تأخير الوضوء والصلاة إلى ذلك الوقت.

قال في "الدر المختار" ص 45: "(وصاحب عذر؛ مَن به سلس) بول لا يمكنه إمساكه، (أو استطلاق بطن، أو انفلات ريح أو استحاضة... = إن استوعب عذره تمام وقت صلاة مفروضة)، بأن لا يجد في جميع وقتها زمنا يتوضأ ويصلي فيه خاليا عن الحدث، (ولو حكما)؛ لأن الانقطاع اليسير ملحق بالعدم" انتهى.

وقال في "مطالب أولي النهى" (1/ 266): " (وإن اعتيد انقطاع حدثٍ) دائمٍ (زمنا يتسع للفعل) أي: الصلاة والطهارة لها (فيه) أي الزمن: (تعيّن) فعل المفروضة فيه ... ؛ لأنه قد أمكنه الإتيان بها على وجه لا عذر معه ولا ضرورة، فتعيّن؛ كمن لا عذر له " انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/ 408) ما نصه: " س: رجل مصاب بسلس في البول، يطهر بعد التبول لفترة، لو انتظر انتهاء السلس لانتهت الجماعة ما ذا يكون الحكم؟

ج: إذا عرف أن السلس ينتهي: فلا يجوز له أن يصلي وهو معه طلبا لفضل الجماعة؛ وإنما عليه أن ينتظر حتى ينتهي ويستنجي بعده ويتوضأ ويصلي صلاته ولو فاتته الجماعة.

وعليه أن يبادر بالاستنجاء والوضوء بعد دخول الوقت، رجاء أن يتمكن من صلاة الجماعة " انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب