الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما حكم تكرار البصق في قنينة أثناء الصلاة؟

483311

تاريخ النشر : 23-01-2024

المشاهدات : 3378

السؤال

أنا حامل، ولدي إفراز كبير جدا للعاب، ولا أستطيع بلع ريقي، وبلعه يسبب لي التقيؤ، لدي قنينة تصاحبني أينما ذهبت لكي أبصق فيها، وتقريبا كل جملة أبصق في حال تكلمت، ولا ينفع معي البصق في منديل، أستطيع بلع ريقي فقط إذا وضعت أكلا في فمي، وللأسف انقطعت عن الصلاة بسبب ذلك، فكيف الحل للعودة لصلاتي؟ هل يمكنني الصلاة وقطعة حلوى في فمي؟ وهل كثرة البصق في قنينة أثناء الصلاة لا يبطلها بسبب كثرة الحركة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، ولا يستقيم فسطاط دون عمود، وقد ذهب جمهور السلف من الصحابة والتابعين إلى تكفير تارك الصلاة، كما بينا في جواب السؤال رقم: (5208).

فكيف أقدمت على هذا المنكر العظيم، وما الذي منعك من سؤال أهل العلم عن مسألتك، كما أمرك الله بقوله: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43.

فبادري بالتوبة والإنابة من تفريطك في السؤال، حتى تركت الصلاة بالكلية، لأجل ذلك؟!

ويلزمك مع التوبة أن تقضي الصلوات التي تركتيها، عند أكثر أهل العلم، ولو مفرقة، ولو لم تكن مرتبة.

فإن كنت تركت ذلك زمانا طويلا، ويشق عليك الإعادة بكل حال؛ فنرجو أن يتقبل الله توبتك، ويعفو عما سلف منك؛ واستكثري من نوافل الخيرات والصلوات، ما استطعت.

ثانيا:

إذا بدر الإنسانَ بصاقٌ وهو في الصلاة، فإنه يبصق في ثوبه، أو مِنديل معه، أو يبصق عن يساره، أو تحت قدمه.

ولا حرج لو بصق في قِنِّينة يحملها أو تكون إلى جواره، ويقلل العمل ما استطاع.

قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/381): "(وإن بدره)، أي المصلي: (مخاط أو بزاق) - ويقال: بالسين والصاد أيضا - (ونحوه) كنخامة، (في المسجد: بصق في ثوبه، و) حك بعضه ببعض، إذهابا لصورته. لحديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا قام أحدكم في صلاته: فإنه يناجي ربه؛ فلا يبزُقنَّ قبل قبلته لكن عن يساره أو تحت قدمه، ثم أخذ طرف ردائه فبزق فيه، ثم رد بعضه على بعض رواه البخاري، ولمسلم معناه من حديث أبي هريرة؛ لما فيه من صيانة المسجد عن البصاق فيه.

ويبصق ونحوه (في غيره [أي: في غير المسجد] عن يساره، وتحت قدمه)، وفي أكثر النسخ: عن يساره تحت قدمه، ولعل فيه سقط الواو، أو: ليوافق الخبر. وكلام الأصحاب (اليسرى) لأن بعض الأحاديث مقيد بذلك، والمطلق يحمل على المقيد، وإكراما للقدم اليمنى (للحديث الصحيح) وتقدم.

(و) بصقه (في ثوبه أولى، إن كان في صلاة) ...

(ويكره) بصقه ونحوه، (أمامَه، وعن يمينه)؛ لخبر أبي هريرة وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه؛ فيدفنها رواه البخاري.

ولأبي داود بإسناد جيد عن حذيفة مرفوعا: من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه" انتهى.

ثالثا:

تبطل الصلاة بالعمل الكثير المتوالي، وضابطه: ما زاد على عمل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته.

ولا تبطل الصلاة بالعمل اليسير، ولا بالكثير المتفرق.

قال ابن قدامة، رحمه الله:

" ‌ولا ‌بأس ‌بالعمل ‌اليسير ‌في ‌الصلاة، ‌للحاجة.

قال أحمد: لا بأس أن يحمل الرجل ولده في الصلاة الفريضة؛ لحديث أبى قتادة، وحديث عائشة، أنها استفتحت الباب، فمشى النبى صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة حتى فتح لها ...

وقال [= أحمد]: من فعل كفعل أبى برزة، حين مشى إلى الدابة وقد أفلتت منه: فصلاته جائزة.

وهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو المشرع، فما فعله، أو أمر به: فلا بأس به ...

فكل هذا وأشباهه: لا بأس به في الصلاة، ولا يبطلها.

ولو فعل هذا لغير حاجة: كره، ولا يبطلها أيضا.

ولا يتقدر الجائز من هذا بثلاث ، ولا بغيرها من العدد؛ لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم الظاهر منه : زيادته على ثلاث، كتأخره حتى تأخر الرجال فانتهوا إلى النساء، وفي حمله أمامة ووضعها في كل ركعة، وهذا في الغالب يزيد على ثلاثة أفعال، وكذلك مشيُ أبى برزة مع دابته.

ولأن التقدير بابه التوقيف، وهذا لا توقيف فيه.

ولكن يُرجَع في الكثير واليسير إلى العرف، فيما يُعد كثيرا أو يسيرا. وكلُّ ما شابه فعلَ النبى صلى الله عليه وسلم: فهو معدود يسيرا.

وإن فعل أفعالا متفرقة، لو جُمعت كانت كثيرة، وكل واحد منها بمفرده يسير: فهي في حد اليسير؛ بدليل حمل النبي صلى الله عليه وسلم لأمامة في كل ركعة، ووضعها.

وما كثُر، وزاد على فعل النبي صلى الله عليه وسلم: أبطل الصلاة؛ سواء كان لحاجة، أو غيرها.

إلا أن يكون لضرورة، فيكون حكمه حكم الخائف؛ فلا تبطل صلاته به.

وإن احتاج إلى الفعل الكثير في الصلاة ، لغير ضرورة: قطع الصلاة، وفعله ... " انتهى، ملخصا من "المغني" (3/94-97) ط هجر.

وقال في "كشاف القناع" (1/377): "(ولا يتقدر اليسير بثلاث ولا) بـ (غيرها من العدد، بل) اليسير ما عده (العرف) يسيرا؛ لأنه لا توقيف فيه؛ فيُرجع للعرف؛ كالقبض والحرز. (وما شابه فعلَ النبي - صلى الله عليه وسلم -) في حمل أمامة، وفتحه الباب لعائشة، وتأخره في صلاة الكسوف وتقدمه: (فهو يسير) لا تبطل الصلاة بمثله لأنه المشروع" انتهى.

 وقال في (1/398): "(ولا يبطل) الصلاةَ عمل من غير جنس الصلاة (يسير) عادة؛ لما تقدم من فتحه - صلى الله عليه وسلم - الباب لعائشة، وحمله أمامة، ووضعها، وكذا لو كثُر العمل، وتفرق" انتهى.

 وعليه؛ فلا حرج عليك لو بصقت في قنينةٍ، ولو حصل ذلك مرات، لحاجتك الداعية إليه.

لكن – مع ذلك - احرصي على ألا يكون ذلك كثيرا، متواليا، فلو كان العمل قليلا متواليا لم يضر، أو كان كثيرا متفرقا، لم يضر، ولو كان بين البصقتين نحو قراءة آية، فهذا تفريق تصح معه الصلاة.

ثالثا:

إذا وضع المصلي في فمه شيئا يذوب في فمه من حلوى أو سكر، فهذا له حكم الأكل، وتبطل به صلاته.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/224): " (وبلع ذوب سكر ونحوه) كحلوى وترنجبيل (بفم، كأكل) فتبطل به الصلاة مطلقا [أي قليلا أو كثيرا] مع العمد" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة