السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

هل لها أن تشترط في عقد النكاح عدم منعها من صيام التطوع؟

484190

تاريخ النشر : 06-12-2023

المشاهدات : 642

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هل يجوز للمرأة أن تشترط في عقد النكاح عدم منعها من النوافل، مثل صيام الاثنين والخميس وغيره؟

ملخص الجواب

يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها أن يأذن لها ببعض صيام التطوع؛ لأن الأصل في الشروط في النكاح الجواز؛ إلا ما دل الدليل على النهي عنه .

الجواب

الحمد لله.

الأصل أنه يجوز للمرأة أن تشترط في عقد نكاحها ما ترى فيه نفعا لها.

روى البخاري (5151) ومسلم (1418) عَنْ عُقْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنَ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ.

وبوّب عليه البخاري : " بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ وَقَالَ عُمَرُ: مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ قَالَ: حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي ، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي " انتهى.

والأصل في الشروط الجواز كسائر المعاملات إلا ما قام الدليل بالنهي عنه.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" وهاهنا قضيتان كليتان من قضايا الشرع الذي بعث الله سبحانه به رسوله:

إحداهما: أن كل شرط خالف حكم الله وناقض كتابه فهو باطل كائنا ما كان.

والثانية: أن كل شرط لا يخالف حكمه ولا يناقض كتابه وهو ما يجوز تركه وفعله بدون الشرط - فهو لازم بالشرط ، ولا يستثنى من هاتين القضيتين شيء، وقد دل عليهما كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق الصحابة رضي الله عنهم " انتهى . "أعلام الموقعين" (5 / 379).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" واعلم أن الأصل في جميع الشروط في العقود الصحة حتى يقوم دليل على المنع؛ والدليل على ذلك عموم الأدلة الآمرة بالوفاء بالعقد: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )، ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا )، وكذلك الحديث الذي روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام: ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا )...

فالحاصل: أن الأصل في الشروط الحل والصحة، سواء في النكاح، أو في البيع، أو في الإجارة، أو في الرهن، أو في الوقف، وحكم الشروط المشروطة في العقود إذا كانت صحيحة أنه يجب الوفاء بها في النكاح وغيره؛ لعموم قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء به وبما تضمنه من شروط وصفات؛ لأنه كله داخل في العقد " انتهى. "الشرح الممتع" (12 / 163 – 164).

واشتراط المرأة صيام النوافل كالإثنين والخميس، لم يقم دليل بالنهي عنه، كما أن غايته أن يفوت به بعض ما للزوج من حق الاستمتاع ، وهكذا حال كثير من الشروط المباحة ، كاشتراطها زيارة أهلها أو الخروج إلى دراسة وعمل مباحين وغير هذا، فهو شرط غير مناقض لمقتضى العقد ومقصوده.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

"... وعلى هذا فمن قال: هذا الشرط ينافي مقتضى العقد. قيل له : أينافي مقتضى العقد المطلق، أو مقتضى العقد مطلقا؟ فإن أراد الأول: فكل شرط كذلك. وإن أراد الثاني: لم يسلم له؛ وإنما المحذور: أن ينافي مقصود العقد كاشتراط الطلاق في النكاح أو اشتراط الفسخ في العقد. فأما إذا شرط ما يقصد بالعقد لم يناف مقصوده. هذا القول هو الصحيح: بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار مع الاستصحاب وعدم الدليل المنافي " انتهى. "مجموع الفتاوى" (29/ 137 - 138).

ولأن الزوج له أن يأذن لزوجته في صوم التطوع ، فهذا الشرط لم يضف شيئا جديدا إلا أنه جعل الإذن سابقا للصوم ، ولازما للزوج ، لا يمكنه التراجع عنه .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب