الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

أجر من توضأ في بيته ثم أتى المسجد، وهل يأخذه من توضأ في عمله أو سوقه؟

487558

تاريخ النشر : 24-01-2024

المشاهدات : 4849

السؤال

(إن أحدكم إذا توضأ فأحسن، وأتى المسجد، لا يريد إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه خطيئة، حتى يدخل المسجد....) هل هذا الأجر فقط لمن توضأ من بيته وذهب إلى المسجد؟ وهل ينال الأجر أيضا إن توضأ في عمله أو في السوق أو الشارع، أم عليه أن يذهب إلى بيته ليتوضأ، ثم يذهب إلى المسجد فيحصل عليه؟

الجواب

الحمد لله.

روى البخاري (477)، ومسلم (649) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (صَلاَةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وَأَتَى المَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلَّا الصَّلاَةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ، كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّي - يَعْنِي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ - مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ).

وهذا مطلق، يشمل الوضوء في بيته وغيره.

وعلى ذلك؛ فمتى توضأ في المكان الذي هو فيه، من بيت، أو سوق، أو عمل ما كان؛ ثم لم يخرج من مكانه هذا إلا لأجل الصلاة: كان له هذا الأجر المذكور في الحديث.

وأما ما رواه مسلم (666) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مَنْ بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالْأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً) .

وفيه تقييد ذلك بأنه "تطهر في بيته" : فهذا، والله أعلم، خرج مخرج الغالب؛ وإنما المراد به : أن يتوضأ في مكانه الذي هو فيه؛ ولهذا فاضل بين صلاته في المسجد، وصلاته في بيته، أو صلاته في سوقه؛ فكلاهما مفضول بالنسبة لصلاة الجماعة.

قال السيوطي في "التوشيح شرح الجامع الصحيح" (2/680): " (‌في ‌بيته وفي سوقه) أي: منفردًا، فخرج مخرج الغالب، قاله ابن دقيق العيد". انتهى.

وقال المناوي في "التيسير" (2/97): " خص الْبَيْت والسوق إشعاراً بِأَن مضاعفة الثَّوَاب على غَيرهمَا من الْأَمَاكِن الَّتِي لم يلْزمه لُزُومهَا لم يكن أَكثر مضاعفة مِنْهُمَا " انتهى.

وقال السندي، رحمه الله، في شرح حديث: ( مَنْ ‌تَطَهَّرَ ‌فِي ‌بَيْتِهِ، ثُمَّ أَتَى ‌مَسْجِدَ ‌قُبَاءَ، فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ ) :

" لعل هذا القيد لم يكن معتبرا في نيل هذا الثواب؛ بل ذكره لمجرد التنبيه على أن الذهاب إلى المسجد ليس إلا لمن كان قريب الدار منه، بحيث يمكن أن يتطهر في بيته ويصلي فيه بتلك الطهارة، كأهل المدينة وأهل قباء، لا يحتاج إلى شد الرحال، إذ ليس ذاك – أي شد الرحال - لغير المساجد الثلاثة، وكأنه لهذا لم يذكر هذا القيد في الحديث السابق" انتهى، من "حاشية السندي على سنن ابن ماجه" (1/431).

ثم إن ذلك الأجر معلق على حصول هذه الشروط جميعا، أن يتطهر في "بيته"، أو مكانه الذي هو فيه، ثم "يمشي" إلى مسجد الجماعة، لا يخرجه من مكانه إلا الصلاة.

قال ابن رجب رحمه الله: " وفي المسند وصحيح ابن حبان عَن عَبْد الله بْن عَمْرِو، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (من راح إلى المسجد جماعة فخطوتاه: خطوة تمحو سيئة، وخطوة تكتب حسنة، ذاهباً وراجعاً).

وهذا المطلق قَدْ ورد مقيداً فِي حَدِيْث أَبِي صالح، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي خرجه البخاري فيما مضى وسيأتي، بقيدين:

أحدهما: أن يخرج من بيته عَلَى طهرٍ قَدْ أحسنه وأكمله.

والثاني: أن لا يخرج إلا إلى الصلاة فِي المسجد، فلو خرج لحاجة لَهُ، وكان المسجد فِي طريقه، فدخل المسجد، فصلى، ولم يكن خروجه لذلك؛ لَمْ يحصل لَهُ هَذَا الأجر الخاص.

وكذلك لَوْ خرج من بيته غير متطهر، لكنه يكتب لَهُ بذلك أجر، غير أن هَذَا الأجر الخاص - وهو رفع الدرجات وتكفير السيئات - لا يحصل بذلك" انتهى من "فتح الباري" (6/ 32).

والحاصل:

أن هذا الثواب مقيد بكون الإنسان يخرج متطهرا من بيته، أو من حيث هو، ثم لا يخرج إلا إلى الصلاة؛ فمن خرج على غير طهارة، أو من خرج من مكانه لا يريد الصلاة بقصده الأول: لم يكن من أهل هذا الأجر.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب